ما زال الصحفيون في غزة يخوضون معركة البقاء جنباً إلى جنب مع شعبهم، حاملين أقلامهم وكاميراتهم في وجه آلة القتل والتدمير. لكن الاحتلال لم يكتفِ بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية بحق المدنيين، بل جعل من استهداف الصحفيين جزءاً ممنهجاً من حربه لإسكات الشهود وطمس الحقيقة.
وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أن عدد القتلى من الصحفيين ارتفع إلى 239 قتيلاً منذ بدء الإبادة الجماعية، وذلك بعد مقتل الصحفي إسلام الكومي الذي عمل محرراً وصانع محتوى لعدد من المنصات الإعلامية.
ويُظهر هذا الرقم الكارثي حجم الاستهداف المتعمد للصحفيين الفلسطينيين، الذين يفترض أن يحميهم القانون الدولي الإنساني كمدنيين أولاً، وكحماة للحقيقة ثانياً. إلا أن الاحتلال يتعامل معهم كأهداف مباشرة في حربه، بهدف إسكات الصوت الفلسطيني وكسر عين الشاهد التي توثق الجرائم.
واعتبر المكتب الإعلامي أن اغتيال الصحفيين سياسة مدروسة ضمن مشروع الإبادة الجماعية، محملاً الاحتلال وحلفاءه – وفي مقدمتهم الإدارة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية – المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم.
وطالب المكتب المجتمع الدولي والمنظمات الإعلامية حول العالم بالتحرك الفعلي، لا الاكتفاء بالإدانة، من أجل حماية الصحفيين في غزة وردع الاحتلال عن مواصلة قتلهم. كما دعا إلى ملاحقة مجرمي الحرب أمام القضاء الدولي باعتبار استهداف الصحافة جريمة مزدوجة: جريمة قتل، وجريمة إسكات للحقيقة.
إن مواصلة استهداف الصحفيين بهذا الشكل تكشف أن الاحتلال لا يسعى فقط إلى إبادة شعب بأكمله، بل أيضاً إلى طمس روايته ومنع وصولها إلى العالم. فالإبادة في غزة ليست قصفاً وحصاراً فقط، بل أيضاً حرباً على الذاكرة والوعي والحقيقة.