انتشلت طواقم الدفاع المدني في قطاع غزة، جثامين 30 قتيلاً من عائلة فلسطينية واحدة، من أصل نحو 60 قضوا تحت أنقاض منزل مدمر غرب مدينة غزة، جراء قصف نفذه الاحتلال خلال حرب الإبادة المستمرة على القطاع.
ويُعد الموقع أول محطة ضمن حملة منظمة أعلن الدفاع المدني إطلاقها منذ الاثنين، للبحث عن آلاف الجثامين العالقة تحت أنقاض المنازل والمباني التي دُمّرت على مدى أشهر القصف.
وأفاد الدفاع المدني بأن الجثامين المنتشلة تعود لأفراد من عائلة سالم، كانوا داخل منزل لعائلة أبو رمضان في منطقة الرمال عند استهدافه في 19 كانون الأول/ ديسمبر 2023، مؤكداً أن عمليات البحث ستتواصل لانتشال بقية الجثامين باستخدام إمكانات محدودة، من بينها حفار واحد.
وتجري عمليات البحث في ظروف شديدة الصعوبة، حيث تعمل الطواقم بآليات بدائية ومعدات ثقيلة متهالكة، في ظل منع الاحتلال إدخال معدات حديثة قادرة على رفع أطنان الركام. ولا يقتصر هذا المنع على تعطيل جهود الإنقاذ، بل يطيل أمد معاناة عائلات المفقودين، ويحرمها من حقها في معرفة مصير ذويها ودفنهم بكرامة.
ومنذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 10 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، كانت عمليات البحث تُنفذ بشكل غير منظم، وغالباً بجهود مدنيين، نتيجة نقص المعدات والقيود المفروضة على حركة الآليات. ورغم ذلك؛ سُمح خلال الشهرين الماضيين بإدخال معدات محدودة للبحث عن جثامين أسرى الاحتلال، في مقابل استمرار منع إدخال معدات مماثلة لانتشال جثامين الفلسطينيين، في تمييز واضح في معايير السماح والوصول.
ويمثل منع إدخال معدات رفع الأنقاض انتهاكاً لواجبات حماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة، ويقوض الحق في الحياة والكرامة الإنسانية، بما في ذلك كرامة الموتى وحقوق ذويهم. كما أن ترك الجثامين تحت الركام لفترات طويلة قد يرقى إلى معاملة قاسية ولا إنسانية بحق العائلات، ويعرقل إجراءات التوثيق والمساءلة، ويؤثر على حق المجتمع في الحقيقة.
إضافة إلى ذلك؛ فإن تدمير المنازل فوق ساكنيها، ثم إعاقة الوصول إلى الضحايا وانتشالهم، يثير أسئلة قانونية جدية حول مبدأي التناسب والضرورة العسكرية، وحول واجب تسهيل أعمال الإغاثة والبحث والإنقاذ دون عوائق.
يشار إلى أن حرب الإبادة التي بدأها الاحتلال في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 واستمرت قرابة عامين، خلفت أكثر من 70 ألف قتيل فلسطيني، وما يزيد على 171 ألف جريح، ودماراً واسعاً طال نحو 90% من البنى التحتية المدنية، مع تراكم يُقدّر بنحو 70 مليون طن من الركام في قطاع غزة.
وفي ظل هذا الدمار، تبقى آلاف الجثامين تحت الأنقاض، شاهدة على كلفة إنسانية وقانونية جسيمة، وعلى عجز متعمد عن توفير الحد الأدنى من متطلبات الإنقاذ والكرامة الإنسانية.



























