أعلنت هيئة تنظيم قطاع الاتصالات الفلسطينية، الخميس، عن انقطاع تام في خدمات الإنترنت والاتصالات الثابتة في قطاع غزة، نتيجة استهداف الاحتلال للبنية التحتية الحيوية لشبكات الاتصال، ما أدى إلى عزل القطاع رقمياً عن العالم الخارجي في واحدة من أخطر تداعيات الحرب الجارية.
وأوضحت الهيئة في بيان لها أن هذا الانقطاع جاء نتيجة “استهداف ممنهج ومتكرر” لشبكات الاتصالات والمسارات الرئيسية، مضيفة أن محافظات جنوب ووسط القطاع انضمت إلى مدينة غزة وشمال القطاع في حالة العزلة التامة لليوم الثاني على التوالي.
وقالت الهيئة إن هذا التصعيد الخطير في الحرب ضد البنية التحتية للاتصالات يهدد بفصل سكان غزة بالكامل عن العالم، ويمنعهم من الوصول إلى الخدمات الأساسية، وعلى رأسها الإغاثة الطبية، والمساعدات الإنسانية، والتعليم، ووسائل الإعلام، ما يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية.
إن استهداف الاتصالات في زمن الحرب لا يعد فقط جريمة ضد البنية التحتية المدنية، بل يمثل أيضاً اعتداء مباشراً على حق السكان في الحياة والأمان والمعلومات، وهو ما يُعد انتهاكاً صارخاً لقواعد القانون الدولي الإنساني التي تحظر استهداف المنشآت المدنية الأساسية، خاصة تلك التي توفر خدمات ضرورية لبقاء السكان على قيد الحياة.
وفي ظل استمرار حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، باتت أدوات العزل والحصار جزءاً من سياسة ممنهجة تهدف إلى تحطيم مقومات الحياة المدنية، وعزل القطاع عن المراقبة الدولية، ومنع إيصال الحقائق إلى العالم.
ويأتي هذا الانقطاع في ظل تصعيد عسكري دموي، خلّف أكثر من 182 ألف قتيل وجريح، بينهم أعداد كبيرة من النساء والأطفال، فضلاً عن آلاف المفقودين، وسط دمار واسع طال المنازل والمرافق الحيوية والمستشفيات، ومجاعة آخذة في الاتساع تهدد حياة مئات الآلاف.
ولا يعيق حرمان السكان من وسائل الاتصال جهود الإغاثة والتنسيق الطبي وحسب، بل ويعمّق أيضاً من معاناة العائلات المقطوعة عن بعضها البعض، ويحجب المعلومات الميدانية عن العالم، ما يفتح الباب أمام ارتكاب انتهاكات جسيمة دون رقابة.
إن ما يجري في غزة ليس مجرد عدوان عسكري، بل سياسة ممنهجة لإبادة جماعية ترتكب باستخدام كل أدوات الحرب الحديثة، بما في ذلك الحصار الرقمي. وعليه، فإن صمت المجتمع الدولي أمام هذه الجريمة يمثل تخلياً عن المبادئ الإنسانية الأساسية، ويعكس فشلاً أخلاقياً في حماية المدنيين وقت النزاعات.