في ظل الحصار المستمر والعدوان المتواصل على قطاع غزة، أعلن جهاز الدفاع المدني عن توقف 75 بالمئة من مركباته عن العمل بسبب نفاد الوقود، في مشهد يلخص حجم الكارثة الإنسانية التي تتفاقم يوماً بعد يوم في القطاع المحاصر.
وفي بيان نُشر عبر منصة “تلغرام”، أكد الدفاع المدني أن معظم مركباته أصبحت عاجزة عن الحركة نتيجة انعدام السولار، مما يعيق جهود الإنقاذ والإغاثة وسط تصاعد الضربات الجوية والبرية التي لم تتوقف منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. كما أشار البيان إلى وجود عجز كبير في المولدات الكهربائية وأجهزة الأكسجين، ما يهدد حياة الجرحى والمرضى المحاصرين في مشافٍ بالكاد تعمل.
قطاع غزة، الذي يضم نحو 2.4 مليون إنسان، بات رهينة حصار مشدد فرضه الاحتلال منذ الثاني من مارس/آذار الماضي، حين أُغلقت المعابر بشكل كامل، مانعاً دخول الغذاء والدواء والمساعدات الإنسانية. نتيجة لذلك، تفشت المجاعة وأدت إلى وفاة ما لا يقل عن 57 شخصاً بسبب الجوع، أغلبهم من الأطفال، فيما بات السكان يعتمدون بالكامل على المساعدات التي لا تصل.
وحوّلت حرب الإبادة المستمرة منذ 20 شهراً، والتي يتخللها قصف مكثف واجتياحات متكررة، غالبية سكان غزة إلى فقراء يعيشون على ما توفره جهود الإغاثة الميدانية المحدودة. ومع تعمّق الانهيار، تشير التقديرات إلى سقوط أكثر من 171 ألف قتيل وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، ما يكشف عن أبعاد مروّعة للدمار الشامل الذي يتعرض له القطاع.
ويرتقي ما يجري في قطاع غزة إلى جريمة إبادة جماعية، بموجب اتفاقية عام 1948، حيث تُفرض على السكان المدنيين، بشكل متعمد ومنهجي، ظروف معيشية قاتلة تهدف إلى تدميرهم كلياً أو جزئياً. تعطيل مركبات الدفاع المدني، ومنع دخول الوقود، وتجويع السكان، وترك المرضى والجرحى دون علاج، كلها أفعال تقع ضمن تعريف الإبادة الجماعية، خاصة حين تقترن باستمرار القصف واستهداف البنية التحتية الحيوية.
إن فرض الحصار الكامل وتحويل الحياة اليومية إلى صراع من أجل البقاء لا يمكن فصله عن نية واضحة لإفناء جماعة قومية، وهو ما يجعل الصمت الدولي شريكاً في جريمة مستمرة ضد الإنسانية.