تواصل آلة الحرب الإسرائيلية ارتكاب جريمة إبادة جماعية ممنهجة بحق المدنيين في قطاع غزة منذ ما يقارب العامين، في مشهد يختزل كل صور الفظائع من قتل وتجويع وتهجير قسري وتدمير شامل للبنية التحتية ومقومات الحياة.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة، اليوم الثلاثاء، أن عدد القتلى الفلسطينيين جراء الإبادة ارتفع إلى 62 ألفاً و64 قتيلاً و156 ألفاً و573 مصاباً، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وخلال الساعات الـ24 الماضية وحدها، استقبلت مستشفيات القطاع 60 قتيلاً (بينهم اثنان جرى انتشال جثامينهم من تحت الركام)، إضافة إلى 343 جريحاً، في ظل عجز طبي متفاقم ونقص حاد في المستلزمات والأدوية.
وأشارت الوزارة إلى أن حصيلة الضحايا بين منتظري المساعدات ارتفعت إلى ما يقارب ألفي قتيل وأكثر من 14 ألفاً و898 مصاباً منذ 27 مايو/أيار الماضي، بعد سقوط 31 قتيلاً و197 جريحاً خلال يوم واحد فقط، نتيجة ما بات يُعرف بين الفلسطينيين بـ”مصائد الموت” المرتبطة بخطة الاحتلال المدعومة أمريكياً لتوزيع مساعدات خارج إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.
كما أوضحت وزارة الصحة أن عدد الضحايا منذ استئناف الاحتلال حملته المكثفة في 18 مارس/آذار الماضي، بلغ 10 آلاف و518 قتيلاً و44 ألفاً و532 مصاباً.
وبحسب المعطيات الميدانية، لم يقتصر أثر الإبادة على القتلى والجرحى، إذ تجاوز عدد المفقودين 9 آلاف شخص، إضافة إلى مئات آلاف النازحين الذين يعيشون في ظروف مأساوية داخل خيام مؤقتة أو في العراء. كما أزهقت المجاعة أرواح 266 شخصاً بينهم 112 طفلاً، في ظل إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات الإنسانية الكافية.
إن ما يجري في غزة لا يمكن توصيفه كمجرد “عمليات عسكرية” أو “نزاع مسلح”، بل هو إبادة جماعية مكتملة الأركان، تتجسد في سياسات متعمدة تستهدف المدنيين عبر القتل المباشر، وحرمانهم من الغذاء والدواء، وتدمير مساكنهم، ودفعهم قسراً إلى النزوح.
ويُعد تكدس الجثامين في المستشفيات، وارتفاع أعداد القتلى بشكل يومي، وغياب أي ممرات إنسانية آمنة؛ دلائل على وجود نية مبيتة لسحق مجتمع بأكمله، بما يخالف أبسط القواعد الملزمة في القانون الدولي الإنساني.
إن الأرقام الصادمة التي تسجلها غزة ليست مجرد إحصاءات، بل شواهد على جريمة تاريخية ترتكب في وضح النهار، في ظل عجز المجتمع الدولي عن وقفها، وصمت مريب تجاه سياسة ممنهجة تسعى لاقتلاع السكان من أرضهم وإعدام حقهم في الحياة.