قُتل 16 مدنياً، بينهم 10 أطفال على الأقل، وأُصيب آخرون بجروح متفاوتة، فجر الخميس، إثر قصف جوي شنّه الاحتلال على مدينة دير البلح وسط قطاع غزة.
واستهدف القصف طابوراً من الأهالي الذين كانوا ينتظرون الحصول على مكملات غذائية مخصصة للأطفال في منطقة “دوار الطيارة”، في مشهد يعكس تصعيداً مستمراً ضد المدنيين وتجويهاً منهجياً للحرب نحو الفئات الأكثر ضعفاً (الأطفال والنساء).
المجزرة تأتي في سياق حملة عسكرية متواصلة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تسببت حتى اللحظة في مقتل أكثر من 57,860 شخصاً، غالبيتهم الساحقة من النساء والأطفال، وإصابة ما يزيد عن 137,400 آخرين، في ظل ظروف إنسانية كارثية يُحاصر فيها القطاع بالكامل، مع تعذر الوصول إلى العديد من القتلى والجرحى الذين ما زالوا تحت الركام أو في الطرقات.
ويرقى ما يجري في غزة إلى حرب إبادة جماعية تُمارَس على مرأى العالم، حيث تُستهدف الحياة المدنية بشكل مباشر، وتُضرب المنشآت الصحية والتعليمية، وتُجعل الموارد الأساسية مثل الغذاء والماء والدواء أدوات حرب، وتُحرم منها فئات سكانية بأكملها في انتهاك فاضح لقواعد القانون الدولي الإنساني.
ويستهدف الاحتلال مناطق مأهولة ومراكز توزيع المساعدات وملاجئ النازحين، وهو ما يكشف عن سياسة عقاب جماعي تُمارَس بلا هوادة ضد السكان المدنيين، وتتجاوز حدود “الأضرار الجانبية” لتُظهر تعمّداً في قتل المدنيين وتهجيرهم وتجويعهم.
وتأتي هذه الهجمات في وقت يعيش فيه السكان في ظروف حصار خانق وانهيار تام للمنظومة الصحية، وسط شلل تام في عمليات الإنقاذ بفعل القصف المتواصل ومنع دخول الإمدادات.
ويُعدّ قصف طابور لتوزيع مكملات غذائية انتهاكاً مضاعفاً، لا يُستهدف فيه المدني فقط، بل يُستهدف وهو يحاول تأمين الحدّ الأدنى من مقومات البقاء لطفله الجائع، في مشهد يتكرّر يومياً في قطاعٍ باتت فيه الطفولة هدفاً مباشراً، فيما تتآكل منظومة الحماية الدولية، وتتراجع أمام استمرار الجرائم.
إن العدوان المتواصل على غزة، بهذا الشكل، لم يعد يُقاس بعدد القتلى أو حجم الدمار فحسب، بل بحجم الفقد الجماعي للأمل، وتدمير الحياة المدنية، واستهداف المرافق الحيوية، ومسح الأحياء السكنية، وترك سكانها بين ركام المنازل أو قبوراً مفتوحة بلا شواهد.