لقيت طفلة في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة حتفها، نتيجة المجاعة والجفاف الناجمين عن الحصار المشدد المفروض على القطاع منذ ما يقارب المئة يوم، في مؤشر جديد على الكارثة الإنسانية المتفاقمة التي يعيشها المدنيون، لا سيما الأطفال، في ظل استمرار سياسة التجويع الممنهجة التي تمارسها قوات الاحتلال.
ووفق ما أفادت به مصادر طبية؛ فإن الطفلة وصلت إلى مستشفى الأطفال والولادة في خان يونس بحالة حرجة، تعاني من سوء تغذية حاد أدى إلى وفاتها رغم محاولات إنقاذها.
وأكدت المصادر أن آلاف الأطفال في القطاع يواجهون المصير ذاته، في ظل غياب تام للغذاء والماء والدواء، ووسط انهيار شبه كامل للنظام الصحي.
وتأتي هذه الوفاة في سياق حصار خانق تفرضه قوات الاحتلال على قطاع غزة، حيث تم منذ أكثر من ثلاثة أشهر إغلاق المعابر بالكامل ومنع إدخال المواد الأساسية والمساعدات الإنسانية، بما في ذلك الغذاء والوقود والأدوية، ما تسبب في تفشي المجاعة في مناطق واسعة من القطاع، وأدى إلى تدهور غير مسبوق في الأوضاع المعيشية والصحية.
ومنذ اندلاع العدوان الشامل على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، استخدم الاحتلال سياسة التجويع كسلاح حرب، خاصة في المناطق الشمالية، في إطار حملة إبادة جماعية تشمل القتل والتدمير المنهجي والتهجير القسري، منتهكة بشكل صارخ المبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني، ومشكّلة جريمة ضد الإنسانية بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
ولا تقتصر آثار الحرب على المجاعة فقط، بل خلفت حتى الآن أكثر من 181 ألف قتيل وجريح، غالبيتهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى ما يزيد عن 11 ألف مفقود، ومئات آلاف النازحين الذين يعيشون في ظروف غير إنسانية. كما أدى القصف المستمر إلى دمار واسع في البنية التحتية، شمل المستشفيات والمراكز الطبية ومرافق المياه والكهرباء.
ورغم المناشدات المتكررة من منظمات دولية وجهات قانونية بوقف العدوان ورفع الحصار، تواصل قوات الاحتلال سياساتها العقابية الجماعية دون محاسبة، في ظل صمت دولي مريب ودعم سياسي وعسكري غير مشروط من قوى كبرى، ما يطرح تساؤلات جدية حول مصير النظام القانوني الدولي وقدرته على حماية المدنيين ومنع الجرائم الجماعية.
إن ما يحدث في غزة لم يعد مجرد صراع مسلح، بل يمثل حالة ممنهجة من الإبادة الجماعية والتطهير، تستدعي وقفة عاجلة من المجتمع الدولي، ليس فقط للتضامن، بل للتحرك القانوني والسياسي الفوري، من أجل إنهاء العدوان ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم التي لا تسقط بالتقادم.