لقيت شابة فلسطينية مصرعها فجر الأحد في حيّ الرمال غربي مدينة غزة، إثر سقوط جدار منزل متضرر بفعل قصف سابق على خيمتها، تزامناً مع منخفض جوي عاصف ضرب القطاع منذ مساء السبت.
وفي الوقت ذاته؛ تسببت الأمطار الغزيرة والرياح الشديدة بغرق وتطاير آلاف من خيام النازحين في مناطق متفرقة من قطاع غزة، ما فاقم أزمة إنسانية قائمة أصلاً.
وأفادت مصادر طبية بوفاة الشابة (30 عاماً) على الفور بعد انهيار الجدار، فيما أصيب عدد من أفراد أسرتها.
وقال شهود عيان إن الجدار كان جزءاً من مبنى مدمّر جزئياً، انهار بفعل الرياح العاتية على خيمة مجاورة، في مشهد يعكس هشاشة أماكن الإيواء المؤقتة وخطورة السكن قرب أنقاض غير آمنة.
وفي جنوب القطاع؛ غرقت مئات الخيام المقامة على شاطئ مدينة خان يونس نتيجة مدّ أمواج البحر المصاحب للمنخفض، بينما شهدت مدينة غزة تدمير مئات الخيام الأخرى، في ظل غياب وسائل الحماية من البرد والأمطار.
ويعيش عشرات الآلاف من النازحين في خيام من النايلون والقماش الرقيق، أقيمت في الطرقات والساحات العامة والملاعب والمدارس، دون بنية تحتية أو تدابير سلامة أساسية.
وحذّرت الأرصاد الجوية من اشتداد سرعة الرياح واحتمال تشكل السيول، فيما أشار مختصون إلى تأثر الأراضي الفلسطينية بمنخفضات جوية إضافية خلال الأيام المقبلة، ما ينذر بتفاقم الخطر على السكان، خصوصاً الأطفال وكبار السن والمرضى.
وتأتي هذه التطورات في سياق انتهاكات متراكمة للحقوق الأساسية للمدنيين في قطاع غزة، وفي مقدمتها الحق في الحياة، والحق في السكن الملائم، والحق في الصحة.
وبموجب قواعد القانون الدولي الإنساني؛ تقع على عاتق قوة الاحتلال واجبات إيجابية لحماية السكان المدنيين وضمان سلامتهم، بما يشمل اتخاذ تدابير فعّالة لمنع المخاطر المتوقعة، وتأمين الإيواء الآمن، وتسهيل إدخال مواد الإغاثة والوقود ومواد الإيواء.
كما يفرض القانون الدولي واجب عدم تعريض المدنيين لمخاطر يمكن تفاديها، بما في ذلك تركهم في مساكن غير آمنة قرب أنقاض مهددة بالانهيار، أو حرمانهم من مستلزمات الحماية من العوامل الجوية. ويُعدّ الإخفاق في إزالة الأنقاض الخطرة، ومنع إدخال بيوت متنقلة ومواد تدفئة، وإغلاق المعابر أو تقييدها، عوامل تسهم مباشرة في تعريض المدنيين لأذى يمكن التنبؤ به.
ورغم دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لم يطرأ تحسن ملموس على الأوضاع الإنسانية، إذ يستمر إغلاق المعابر وعدم إدخال الكميات المتفق عليها من المواد الغذائية والإغاثية والطبية ومواد الإيواء، ما يترك العائلات بلا وسائل تدفئة في ظل انخفاض درجات الحرارة ليلاً، ويضاعف المخاطر الصحية، خاصة على الأطفال، مع تسجيل وفيات في صفوفهم.
ومنذ 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تعرّض قطاع غزة لعدوان واسع النطاق خلّف أكثر من 71 ألف قتيل فلسطيني وأكثر من 171 ألف جريح، ودماراً طال نحو 90% من البنى التحتية المدنية. وتُقدَّر كلفة الإعمار بنحو 70 مليار دولار. وفي ظل هذا الدمار؛ تتحول المنخفضات الجوية إلى عامل تهديد مباشر للحياة، في غياب حماية فعّالة وإغاثة كافية.
إن استمرار تعريض المدنيين في غزة لمخاطر يمكن تفاديها، وتركهم بلا مأوى آمن أو حماية من العوامل الجوية، يشكّل إخلالاً جسيماً بالواجبات القانونية الواقعة على عاتق الاحتلال، ويستدعي تحركاً عاجلاً لضمان حماية المدنيين، وتأمين الإيواء الآمن، وفتح المعابر لإدخال مواد الإغاثة دون عوائق، بما يصون الكرامة الإنسانية ويمنع تكرار المآسي.

























