قُتل 30 مدنياً فلسطينياً، بينهم عدد كبير من النساء والأطفال، في سلسلة غارات نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي، فجر وصباح اليوم الجمعة، على مناطق متفرقة من قطاع غزة، مستهدفاً منازل عائلات ومواقع للنازحين، في مجزرتين مروّعتين أضيفتا إلى سجل جرائم الحرب بحق السكان المدنيين في القطاع المحاصر.
وبحسب مصادر طبية محلية؛ فإن هذه الغارات تُعد من بين أعنف الهجمات خلال الأيام الأخيرة، وتأتي ضمن حملة الإبادة الجماعية التي يدخل بها العدوان شهره التاسع عشر على التوالي، وسط صمت دولي متواصل وعجز المنظمات الدولية عن وقف آلة القتل.
وفي شمال القطاع، أدى قصف جوي عنيف على منزل لعائلة “مِقْدَاد” في حي تل الزعتر ببلدة جباليا، إلى مقتل 10 من أفراد العائلة، بينهم 5 أطفال، ووقوع عدد من الإصابات الخطيرة.
وفي المنطقة ذاتها، استُهدفت خيمة نازحين في منطقة “التُوَام”، مما أسفر عن مقتل مدنيين اثنين وإصابة 6 آخرين بجروح متفاوتة، كما قُتل الشاب محمد أبو ركبة في قصف آخر استهدف تجمعاً للمدنيين في جباليا.
وفي جنوب القطاع؛ قصفت طائرات الاحتلال منزلاً لعائلة “بركة” ومنازل مجاورة في منطقة بني سهيلا شرق خان يونس، ما أدى إلى مقتل 10 مدنيين من العائلة، معظمهم من النساء، في مجزرة ثانية خلال ساعات قليلة.
كما قُتل فلسطينيان آخران في استهداف جوي استهدف منزلاً لعائلة “أبو عكر” قرب ملعب الاعتصام في خان يونس.
وتُشكّل هذه الهجمات المتكررة جزءاً من نمط ممنهج ومتواصل من القتل العمد للمدنيين الفلسطينيين، ما يرتقي إلى أفعال إبادة جماعية، كما يُعرفها اتفاق الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، والتي تشمل “قتل أفراد الجماعة” و”إلحاق أذى جسدي أو عقلي جسيم بأفرادها”، وذلك بقصد تدميرها كلياً أو جزئياً.
إن استهداف المنازل المأهولة بالنساء والأطفال، وقصف أماكن نزوح المدنيين الخالية من أي وجود عسكري، يعكس نية تدميرية واضحة، لا يمكن تفسيرها في إطار العمليات العسكرية التقليدية، بل تُشير إلى سلوك منظم يستهدف القضاء على السكان الفلسطينيين في غزة، أو إيقاع أكبر قدر من الضرر بهم لغايات جماعية عقابية.
ويُعد تكرار المجازر بحق العائلات، وغياب أي تحذير أو إنذار مسبق، دليلاً إضافياً على العقاب الجماعي المتعمد، وهو سلوك محظور تماماً في القانون الدولي ويُدلّل على طبيعة الهجمات التي تتجاوز كل حدود التناسب والتمييز، وتُعبّر عن سياسة قائمة على الإبادة والإفناء.
وتتحمل المنظومة الدولية، بما فيها الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية، مسؤولية فورية في التحرك لوقف جريمة الإبادة الجماعية الجارية في غزة، وتفعيل أدوات العدالة الدولية لمحاسبة المسؤولين عنها. كما يجب فرض آليات حماية فورية للسكان المدنيين، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية والطبية إلى المناطق المنكوبة.
إن استمرار الصمت الدولي إزاء هذه الجرائم، لا يُعد تواطؤاً فحسب، بل يُسهم فعلياً في ترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب، ويقوّض أسس القانون الدولي التي وُجدت لحماية الشعوب من الفناء الجماعي، ويُبقي أكثر من مليوني إنسان تحت خطر الإبادة في ظل حصار خانق وعدوان مستمر بلا رادع.