أعلنت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن نحو 75 ألف نازح في قطاع غزة يحتمون داخل أكثر من 100 مبنى تابع للوكالة، رغم أن معظم هذه المرافق تضررت بفعل القصف الإسرائيلي وأصبحت مكتظة بالنازحين في ظروف إنسانية قاسية.
وقالت الأونروا عبر منشور على منصة “إكس” إن الوضع داخل هذه الملاجئ بات كارثياً مع نقص حاد في المياه والغذاء والمستلزمات الأساسية، محذّرة من تدهور الأوضاع الصحية وانتشار الأمراض نتيجة الاكتظاظ وسوء الصرف الصحي.
وأكدت أن فرقها ما زالت تعمل رغم محدودية الموارد لتقديم المساعدات العاجلة للمدنيين، داعية المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لضمان حماية المدنيين وتحسين الأوضاع الإنسانية المتدهورة في القطاع.
كما أشارت الوكالة إلى أن 90% من سكان غزة يعانون من سوء التغذية، وهو مؤشر خطير يعكس عمق الأزمة المستمرة منذ أشهر بسبب الحصار والقصف.
ولا يمثل ما يجري في قطاع غزة مجرد أزمة إنسانية، بل انتهاكاً خطيراً لقواعد القانون الدولي الإنساني، الذي يفرض على أطراف النزاع التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية، ويحظر استهداف المرافق الإنسانية والتعليمية التابعة للأمم المتحدة، أو حرمان السكان من احتياجاتهم الأساسية.
ويشكل استمرار القصف الذي يطال مناطق مدنية ومبانٍ تؤوي نازحين، إلى جانب الحصار المفروض على الغذاء والمياه والوقود، شكلاً من أشكال العقاب الجماعي المحظور بموجب اتفاقيات جنيف، ويعرض حياة مئات الآلاف من المدنيين، وخاصة الأطفال والنساء وكبار السن، لمخاطر مباشرة.
وتنذر الظروف الصحية المتدهورة في الملاجئ التي تديرها الأونروا – مع انعدام المياه النظيفة وتكدّس العائلات في مساحات ضيقة – بوقوع كوارث صحية جماعية قد تشمل تفشّي الأمراض المعدية والأوبئة.
ويشكل هذا النزوح الداخلي الواسع واحداً من أكبر أزمات اللجوء الإنساني في القرن الحادي والعشرين، حيث باتت مدارس ومراكز الأونروا، التي أنشئت أصلاً لتعليم الأطفال وتقديم الخدمات الاجتماعية، ملاجئ طارئة تؤوي عائلات فقدت منازلها ومصادر رزقها.
ويجعل تضرر هذه المنشآت وفقدان الأمان داخلها النازحين في حالة تهجير ثانٍ داخل القطاع نفسه، ويقوّض أي إمكانية لتقديم تعليم أو رعاية صحية مستدامة. كما أن تدمير البنية التحتية – من شبكات المياه والكهرباء والمستشفيات – جعل من البقاء على قيد الحياة تحدياً يومياً لسكان القطاع البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة.
وبلغ الوضع الإنساني في غزة مستوى الانهيار الشامل، وسط عجز دولي عن فرض هدنة أو ممرات إنسانية آمنة، مع أن حماية المدنيين وضمان وصول المساعدات دون عوائق ليست التزاماً أخلاقياً فحسب، بل واجب قانوني دولي يجب أن يُنفّذ فوراً.

























