رحبت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا بقرار المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق رسمي في الجرائم المرتكبة في الأراضي الفلسطينية منذ 13 يونيو/حزيران 2014، في خطوة رغم تأخرها كثيراً إلا أنها تخدم العدالة وتعطي أملاً في إمكانية الانتصاف لضحايا تلك الجرائم الوحشية.
وكانت المدعية العامة -فاتو بنسودا- قد أعلنت في بيان رسمي الأربعاء 03 مارس/آذار الجاري، أنه وبعد استيفاء المعايير المطلوبة، عن بدء تحقيق مستقل وموضوعي في جرائم ارتكبت من جانب جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال حرب غزة 2014 بعد أن اطمأنت المحكمة لوجود “أساساً معقولاً” على وقوع تلك الجرائم.
وأوضحت المنظمة أن هذا القرار الذي طال انتظاره يأتي بعد إعلان قضاة المحكمة الشهر الماضي أن الاختصاص القضائي للمحكمة يشمل فلسطين كونها عضو، ما اعتبره الكثيرون أنه تمهيداً للتحقيق في جرائم حرب محتملة ارتكبها قادة ومسؤولون إسرائيليون ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.
وأشارت المنظمة إلى أن بنسودا أعلنت في ديسمبر/كانون الأول 2019 عن رغبتها في فتح تحقيقاً كاملاً فيما يحدث في فلسطين بعد تحقيق مبدئي استمر لمدة خمس سنوات بعد الطلب الذي تقدمت به فلسطين إبان حرب غزة، وهو ما اعتبرته المنظمة تأخر طويل وصل إلى حد إنكار العدالة.
وطالبت المنظمة المحكمة الجنائية الدولية باتخاذ اللازم لضمان استقلالية وحياد التحقيقات، وحمايتها من أي عقبات أو عراقيل قد تواجهها من قبل الدول التي جندتها إسرائيل للدفاع عنها ومناهضة أي قرار يصب في صالح الفلسطينيين، مشددة على رغبتها في ألا تعاني التحقيقات من التباطؤ الذي اتسمت به الخطوات التي اتخذت تمهيداً لإصدار هذا القرار في النهاية.
وحذرت المنظمة من رضوخ المحكمة لأي ضغوطات قد تمارس ضدها من أي جهة، خاصة وأن إسرائيل قد أدانت هذا القرار بشدة، كما أدانت القرار السابق باختصاص الولاية القضائية للمحكمة بالوضع في فلسطين، وقد أيدها في رفضها الخارجية الأمريكية آنذاك، وكذلك ألمانيا والنمسا وأستراليا وكندا.
ولفتت المنظمة إلى أن إدارة ترامب سبق وفرضت عقوبات على عاملين في المحكمة الجنائية الدولية لضلوعهم في التحقيقات ضد جنود وضباط أمريكيين ارتكبوا جرائم في أفغانستان في يونيو/حزيران 2020، وجاءت هذه العقوبات بعد تهديدات عديدة أطلقها ترامب غضباً من نشاط المحكمة في أفغانستان وفلسطين متوعدًا بفرض عقوبات على العاملين فيها رافضا ملاحقة أي أمريكي أو إسرائيلي على أي جريمة ارتكبوها.
وذكرت المنظمة أن أهمية إجراء مثل هذا التحقيق تكمن في التأكيد على أنه لا يمكن للمجرمين ومرتكبي تلك الانتهاكات الجسيمة الإفلات من العقاب، وأن هناك أنصار للعدالة سيسعون دائماً لتحقيقها والانتصاف للضحايا الفلسطينيين الذين أُهدرت حقوقهم على مدار سنوات ومورس ضدهم أبشع أنواع الانتهاكات والجرائم.
وشددت المنظمة على أن معاناة الفلسطينيين من الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال لم تبدأ منذ يونيو/حزيران عام 2014 إنما معاناته تعود لعقود منذ عام 1948 مرورا بعام 1967 حيث تمت السيطرة على كافة الأراضي التي كانت تخضع للانتداب البريطاني وخلالها ارتكبت جرائم خطيرة توصف في القانون الدولي الإنساني جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وأكدت المنظمة أن تأخر تحقيق العدالة، مع استمرار عدم جدية الخطوات المتخذة ضد إسرائيل لردعها، ساهمت كثيراً في تشجعيها على ارتكاب مزيد من الجرائم والانتهاكات التي يدفع ثمنها الشعب الفلسطيني حتى الآن.