في خطوة تصعيدية خطيرة؛ قررت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قطع الكهرباء بشكل كامل عن غزة، وذلك بعد أيام من منع دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر.
وأعلن وزير طاقة الاحتلال إيلي كوهين أن القرار اتخذ بموجب الصلاحيات المخولة له، مبرراً الخطوة بأنها وسيلة للضغط على حركة حماس في سياق المفاوضات بشأن صفقة تبادل الأسرى. ورغم عدم تحديد موعد التنفيذ؛ إلا أن القرار جاء بصيغة توحي بدخوله حيز التنفيذ فوراً، دون تحديد مدة زمنية لإنهائه.
ويشكل هذا القرار انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، الذي يحظر استخدام العقاب الجماعي ضد السكان المدنيين، حيث تنص المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة على أنه “لا يجوز معاقبة أي شخص محمي على جريمة لم يرتكبها شخصياً، ويحظر العقاب الجماعي وجميع تدابير التهديد أو الإرهاب”.
كما تنص المادة 54 من البروتوكول الإضافي الأول للاتفاقية على تحريم استهداف البنى التحتية الضرورية لحياة السكان المدنيين، بما يشمل أنظمة المياه والطاقة.
وفي السياق ذاته، حذرت المقررة الأممية الخاصة بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، من أن قطع الكهرباء عن غزة يهدد بوقوع إبادة جماعية.
وأوضحت أن هذا الإجراء يعني توقف محطات تحلية المياه، مما يؤدي إلى شح المياه النظيفة، ويعرض حياة ملايين الفلسطينيين للخطر.
وأضافت ألبانيز أن “عدم فرض عقوبات وحظر أسلحة على إسرائيل يعني دعمها لترتكب في غزة واحدة من أكثر جرائم الإبادة الجماعية التي يمكن منعها في تاريخنا”.
وبالإضافة إلى قطع الكهرباء؛ أغلق الاحتلال جميع المعابر المؤدية إلى غزة، مانعاً دخول المساعدات الإنسانية، في مخالفة صريحة لنص النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في مادته الثامنة، على أن “التجويع المتعمد للمدنيين كأسلوب من أساليب الحرب من خلال حرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك عرقلة إمدادات الإغاثة، يعد جريمة حرب”.
ورغم دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني الماضي بوساطة مصرية وقطرية، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي واصل عملياته العسكرية، وفرض مزيداً من القيود على القطاع، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية.
وكان الاتفاق يقضي بالانتقال إلى المرحلة الثانية، التي تشمل إنهاء الحرب، إلا أن إسرائيل تنصلت من التزاماتها ومددت المرحلة الأولى في محاولة للضغط على المقاومة الفلسطينية دون تقديم أي التزامات مقابلة.
ويواجه قطاع غزة كارثة إنسانية غير مسبوقة مع استمرار القصف وانقطاع الكهرباء والمياه ونقص الغذاء والدواء، وسط دعوات متزايدة لتحرك دولي عاجل لوقف هذه الجرائم ومحاسبة المسؤولين عنها.