نزحت مئات العائلات السورية من ريف إدلب إثر قصف وصفه السكان بأنه الأعنف منذ سنوات، إذ بلغ عدد القذائف حوالي 1000 قذيفة ألقاها النظام السوري على قرى ريف إدلب الجنوبية.
الوضع الإنساني في إدلب منذ اندلاع الثورة السورية كان ومازال مأساويا، انطلاقا من كون تلك المنطقة هي نقطة تماس بين سيطرة المعارضة والنظام السوري، مما جعلها محل دائم لموجات نزوح متتالية، وأوضاع إنسانية مزرية.
بالإضافة إلى ذلك فإن إدلب كانت من المناطق التي تأثرت إنسانيا بشكل كبير جراء زلزال فبراير 2023، خاصة في ظل افتقارها إلى البنية التحتية والخدمات الأساسية بشكل يجعل الحياة فيها صعبة في الظروف العادية، فضلا عن أن تلاحقهم رشقات القصف الصاروخية العنيفة يوما بعد يوم.
تأتي موجات النزوح تلك وسط عجز عالمي عن التعامل مع أزمة اللاجئين، وتململ الدول المجاورة لسوريا من اللاجئين وتعبيرها الدائم عن رغبتها المستمرة في عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، إذ قال وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني صراحة إن بلاده “لن تكون قادرة على استقبال مزيد من اللاجئين”، وعبر رئيس الحكومة اللبنانية الحالية عن قلقها من استمرار النزوح عبر القنوات الغير شرعية، بينما تؤكد تركيا في كل مناسبة ممكنة على ضرورة العودة “الطوعية” للاجئين.
يشعر اللاجئون السوريون أن الأرض ضاقت عليهم بما رحبت، وأن تلك العودة “الطوعية” لا تبدو لحقيقتها إمكانية في الأفق في ظل التصعيد العسكري وموجات الاعتقال التعسفي فضلا عن عدم استقرار الأوضاع في المناطق التي يسيطر عليها النظام، والتي انطلقت فيها عدة مظاهرات في الفترة الأخيرة تطالب برحيل النظام وبتحسين الأوضاع المعيشية.
إن أزمة اللاجئين في العالم هي عَرض لتغول الأنظمة المجرمة وتفشي الدكتاتورية، وتوحش تلك الأنظمة في سحق شعوبها وهو وضع لم يكن ليصل إلى هذا الحد، لولا التعامي الدولي عن جرائم تلك الأنظمة، وفقد القوانين والمعاهدات الدولية قيمتها بعد أن صارت حبرا على ورق، تُضاف إلى البيانات والتصريحات الرسمية دون أن تتماس مع الواقع أو تجد إرادة دولية حقيقية لإنفاذها.
إن اللاجئين السوريين لم يختاروا ترك محيطهم الاجتماعي والقفز نحو المجهول، لكنهم أجبروا على ذلك فرارا من الموت سحقا تحت القصف، وهي فطرة إنسانية لن تمنعها تصريحات أو قوانين عنصرية لإرهابهم.
إن أزمة اللاجئين السوريين تتطلب تدخلا دوليا مسؤولا لوقف إجرام النظام السوري ضد الشعب، وهو ضرورة ملحة لن تتحمل المنطقة والعالم التداعيات السلبية للتأخر عنه سياسيا أو إنسانيا أو حتى ماديا، خاصة في ظل تصاعد موجات العنصرية ضد اللاجئين حول العالم.
إن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تطالب جميع الهيئات المعنية بدعم اللاجئين وبالهيئات السياسية الصانعة للقرار حول العالم، باتخاذ كافة وسائل الضغط الممكنة من أجل إيقاف جرائم النظام السوري ضد المدنيين، وتحسين أوضاع النازحين والعمل بشكل جاد على توفير وضع آمن ومستقر خاصة للفئات الأكثر ضعفا مثل الأطفال والنساء وذوي الاحتياجات الخاصة.