أصدرت محكمة أمن الدولة الأردنية، حكماً بالسجن لمدة 20 عاماً مع الأشغال الشاقة المؤقتة بحق أربعة مواطنين أردنيين، بعد إدانتهم بتهمة محاولة نقل أسلحة ووسائل قتالية إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتعود القضية إلى عامين من الملاحقة، بدأت بحملة أمنية في يوليو/تموز 2023 أسفرت عن اعتقال نحو 20 شخصاً، أعقبتها حملة أخرى في مارس/آذار 2024، وانتهت بإحالة كل من حذيفة وإبراهيم جبر، وخالد المجدلاوي، وأحمد عايش إلى محكمة أمن الدولة، التي أصدرت حكمها، وسط نية من هيئة الدفاع لتقديم طعن خلال المدة القانونية المحددة.
وفي هذا السياق، تشير العديد من المعايير والمواثيق الدولية إلى أن الكفاح ضد الاحتلال ليس فقط مشروعاً، بل هو حق أصيل من حقوق الشعوب، بموجب ما نصت عليه المادة الأولى المشتركة في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والتي تؤكد على حق الشعوب في تقرير مصيرها، بما في ذلك استخدام الوسائل المناسبة لإنهاء السيطرة الأجنبية.
كما جاء في القرار 37/43 الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1982، أن “كفاح الشعوب الخاضعة للاحتلال الاستعماري أو الأجنبي من أجل حريتها واستقلالها هو كفاح مشروع، وله الحق في استخدام جميع الوسائل المتاحة والمنسجمة مع ميثاق الأمم المتحدة”، بما في ذلك المقاومة المسلحة ضد القوات المحتلة، طالما أن الأفعال لا تستهدف المدنيين.
ومن هذا المنطلق؛ فإن محاولة تقديم الدعم اللوجستي أو التسليحي لحركات مقاومة تنشط في أراضٍ واقعة تحت الاحتلال، مثل الضفة الغربية، لا يمكن أن تُعامل كجريمة في إطار القانون الدولي، بل يُنظر إليها كدعم لحركات تحرر وطني تسعى إلى استعادة الحقوق المسلوبة. وفي حال لم يكن هناك أي استهداف للمدنيين أو خرق لمبادئ النزاع المسلح؛ فإن مثل هذه الأفعال لا تُشكل جرائم وفقاً للمعايير الحقوقية الدولية.
وبالتالي؛ فإن إصدار أحكام بالسجن المشدد بحق مواطنين حاولوا دعم مقاومة تُواجه احتلالاً معترفاً به دولياً، يُسلط الضوء على تناقض مؤلم بين بعض القوانين المحلية، التي قد تُجرّم هذا الفعل، وبين القانون الدولي الذي يرفع عنه صفة الجريمة، بل يمنحه شرعية قانونية وأخلاقية.
وهذه القضية لا تخص المتهمين الأربعة فقط، بل تفتح الباب مجدداً للتذكير بأن حقوق الشعوب المحتلة في الدفاع عن نفسها لا يمكن انتزاعها عبر القوانين الداخلية، وأن الالتزام الحقيقي بالعدالة يبدأ من احترام المبادئ الكونية لحقوق الإنسان وحق تقرير المصير.