شهادات صادمة لنساء اعتقلن وأخفين قسريا وعذبن في السجون الإماراتية
ضرب وتحرش جنسي ومعامله مهينه وإهمال طبي ومحاكمات تعسفية
حسب الشهادات غرف مكتظة وقذره بدون تهوية وطعام مليء بالحشرات
قانونيون دعوا إلى محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم
هذه الجرائم الممنهجة قد ترقى إلى جريمة ضد الإنسانية
عقدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا بتاريخ 30 مايو 2018 مؤتمراً بعنوان “النساء المعذبات في سجون أبو ظبي” والذي ضم أربعة خبراء في مجال حقوق الإنسان ـ ومناهضة التعذيب وهم: جو أوديل، هانا فيليبس، هايدي دجكستال، وسو ولمان، وتمحور المؤتمر حول النساء المحتجزات والمعذبات في السجون الإماراتية.
في الكلمة الافتتاحية ذكر رئيس المؤتمر ومستشار الملكة القانوني – رودني ديكسون- أن محور التركيز في المؤتمر هن النساء دون الرجال في دولة الإمارات العربية المتحدة، بسبب ضعفهن المتصور.
وتناول المؤتمر السياق الأوسع وراء تعذيب النساء في الإمارات العربية المتحدة، كما تناول الخطوات والإجراءات القانونية الممكنة والتي يمكن متابعتها من أجل تقديم الجناة إلى العدالة.
في كلمتها تحدثت الباحثة بالمنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا هانا فيليبس، عن الإحصائيات المشيرة إلى إساءة معاملة النساء في سجون الإمارات العربية المتحدة، حيث بدأت باستخلاص استنتاجات من تقرير صدر عن مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والذي أثار مخاوف بشأن قوانين مكافحة الإرهاب وقوانين جرائم الإنترنت والتي على إثرها تعرض العديد من نشطاء حقوق الإنسان والنساء للاعتقال.
وأوضحت أن دولة الإمارات العربية المتحدة تنتهج سياسة تنتهك الحقوق الأساسية في احتجاز النشطاء، ويشمل ذلك الحق في المحاكمة العادلة، والحق في الاستعانة بمحام، والحق في حرية الرأي التعبير، هذه الانتهاكات للحقوق الأساسية يتبعها تعذيب ممنهج في سجون الإمارات العربية المتحدة كسجن الوثبة.
وأضافت أن السجون تتسم بالاكتظاظ الشديد، والتهوية السيئة، وأن السجناء معرضون للإيذاء النفسي والجسدي، كما أشارت الى أن تعدد حالات انتهاك حقوق الإنسان في سجون أبو ظبي دفعت العديد من المعتقلين إلى الإضراب عن الطعام، أو الأسوأ من ذلك الإقدام على الانتحار.
وتحدثت هانا عن حالة المعتقلة أمينة محمد أحمد سعيد العبدولي، وهي امرأة تبلغ من العمر 36 عاماً، محتجزة حالياً في الحبس الانفرادي في سجن الوثبة في أبو ظبي، وبحسب شهادة مسجلة سربت من السجن، أوضحت أن ظروف احتجازها سيئة لدرجة أنها اضطرت إلى الإضراب عن الطعام لمدة ثلاثة أسابيع للاحتجاج على الظروف الرهيبة لاحتجازها، وأضافت أن أمينة تعرضت للتعذيب من قبل جنديات مغربيات ونيباليات.
ونقلت عن شهادة أمينة تجربة اغراقها بالماء، واجبارها على الوقوف وهي مقيدة اليدين والرجلين ومعصوبة العينين لساعات متتالية، بالإضافة إلى منع الزيارات العائلية عنها، ومنع السلطات عائلتها من السفر، حتى أن عمها أجبر على توقيع أوراق تدلي بأنه غير مسؤول عنهم، مما أدى إلى تدهور الحالة الصحية لأمينة حيث فقدت البصر تقريبا في إحدى عينيها نتيجة رفض السلطات توفير الأدوية والعلاج اللازم لها، ومازالت أمينة تعيش في ظل هذه الظروف حتى اليوم.
وعرضت هانا فيليبس في بث حي شهادتين من أفراد تم سجنهم في سجن الوثبة، الشهادة الأولى أطلعت الجمهور على أن مدى التعذيب الذي يتعرض له الفرد في السجن يعتمد على مقدار ما يملك من مال والمبلغ المستعد لدفعه لإدارة مقر الاحتجاز، في الحالات التي لا يملك فيها الأفراد المال أو النفوذ، فان المعتقلات يخضعن للتعذيب النفسي والجسدي.
وقالت هانا “هنا في حالة المعتقلة التي بين أيدينا تم منعها من التواصل مع سفارتها لمدة سنة وستة أشهر وخلال محاكمتها (والتي تمت بعد ثمانية أشهر من سجنها) تم رفض تعيين مترجم لها بالرغم من أن لغتها الأولى ليست اللغة الإنجليزية، بالإضافة الى ذلك، فانه من خلال الشهادة الثانية فقد تمت الإشارة إلى أن المعتقلات يتعرضن للتحرش الجنسي من قبل الحراس، بالإضافة إلى أن الغرف المصممة لثمانية أشخاص يقطنها بطريقة لا إنسانية عشرون شخصاً، ويحرمون من الماء ومواد الغذاء الأساسية، والأكثر من ذلك هو أن الأفراد الذين يعانون من حالات طبية خطيرة كالسرطان، لا يتم تقديم الإشراف اللازم لهم بما في ذلك الدواء اللازم، وتتجلى الحالة الغير إنسانية في عدم توفير المكيفات، وانتشار الحشرات وانعدام النظافة، كل ذلك يسهم في تفاقم الظروف السيئة”.
وتحدث جو أوديل المسؤول الاعلامي في الحملة الدولية للحريات عن السياق الأوسع الذي ينطوي تحته تعذيب السجينات في الإمارات العربية المتحدة حيث أشار إلى أنه “هناك ازدياد في عدد السجناء من الإماراتيين وغيرهم والذين تم اعتقالهم تعسفياً واختفاؤهم قسريا منذ الربيع العربي، وقد أدى ذلك إلى حدوث زيادة في نطاق القمع الذي تستخدمه الإمارات العربية المتحدة، ليصير الرد المطلوب من المملكة المتحدة أكثر أهمية في ظل هذه الظروف.
ومن خلال عمله مع الحملة الدولية للحريات في الإمارات العربية المتحدة، أشار أوديل إلى أن الوضع في الإمارات تدهور إلى حد أن الظروف في بعض السجون في الإمارات – ولا سيما سجن الرزين – الذي أطلق عليه اسم “خليج جوانتانامو” الإمارات العربية المتحدة – يقدم السجناء فيه على الانتحار أو إلحاق الأذى بأنفسهم.
وأشار الى أن الظروف الرهيبة التي يعيشها السجناء تدفعهم إلى الاقدام على الانتحار، وفي هذا السياق، أدت حملة القمع في دولة الإمارات العربية المتحدة والظروف الخاصة بالسجناء إلى عدم تحدث الأفراد ضد مثل هذه الأعمال الاجرامية لأنهم يخافون من تداعيات ذلك.
وأشار جو إلى أن مسألة التواجد في المملكة المتحدة تزيد القدرة على إحداث فارق من خلال التأثير على الحكومة البريطانية حيث أن الطريقة الرئيسية التي يمكن بها المساعدة في تخفيف محنة المحتجزين في الإمارات هي ممارسة الضغط على حكومة المملكة المتحدة لوقف التبادل التجاري مع الإمارات العربية المتحدة.
وتحدثت المحامية سو ويلمان عن الأمور المختلفة التي يمكن القيام بها من أجل المساعدة في فرض التغيير في دولة الإمارات العربية المتحدة، في إطار نظرية مسؤولية القيادة حيث يمكن القول بأن القادة هم مسؤولون عن جرائم الحرب التي يرتكبها أفراد تابعين للسلطات الامنية وتشير الى أن “هؤلاء القادة هم الذين يجب ملاحقتهم، وأضافت أن هذه السياسة يمكن أن تؤدي إلى اعتقال مرتكبي الجرائم في المملكة المتحدة، وقد استُخدمت مثل هذه الإجراءات بالفعل لإصدار مذكرات توقيف بحق سياسيين مثل تسيبي ليفني وإيهود باراك”.
وأشارت سو ويلمان إلى أنه يجب العثور على شهود يسجلون قيام دولة الإمارات العربية المتحدة بالتعذيب، ويجب أن يكون الوزير أو المشرف المسؤول عن العنف متواجداُ داخل المملكة المتحدة من أجل تحريك دعاوى جنائية ضدهم.
كما تحدثت هايدي ديجكستال المحامية والمتخصصة في القانون الجنائي الدولي عن الآلية القانونية المتاحة للمجتمع الدولي لمواجهة حالات التعذيب في الإمارات العربية المتحدة، حيث افتتحت بمناقشة شرعية السجون، وحقيقة أن العديد من السجون في الإمارات العربية المتحدة لا توفر الظروف الملائمة من أجل استيعاب النساء، والأكثر من ذلك، أن السجون تقع في مناطق بعيدة بشكل عام، مما يعني أن الزيارات صعبة كما يصعب على المحامين زيارة من يمثلوهم من السجناء، وبالتالي فإن نظام السجون هو نظام غير قانوني.
وأضافت ديجيكستال أنه على الرغم من أن دولة الإمارات ليست من الدول الموقعة على اتفاقيات دولية بشأن استخدام التعذيب، إلا أنها ملتزمة بالمعايير الدولية للحبس التي تقع على عاتق دولة الإمارات العربية المتحدة كعضو في الأمم المتحدة.
وأشارت إلى أن الأمم المتحدة قد وضعت قواعد لمعاملة النساء على وجه التحديد، وأضافت أن أحد العوامل التي يمكننا الاستفادة منها وفقاً لما ذكرته هانا فيلبس، هي المادة 9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 بشأن الاحتجاز التعسفي الذي ينص على أنه “لا يجوز القبض على أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً”.