المتحدثون طالبوا حكومة المملكة المتحدة بوقف صادرات الأسلحة إلى إسرائيل
عدم محاسبة القادة الإسرائيليين على الجرائم المرتكبة شجعهم على ارتكاب المزيد
عقدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان بريطانيا الخميس 9 أغسطس/آب ندوة في مبنى الاجتماعات “فريندس هاوس” بلندن 2018 بعنوان “استمرار العدوان الإسرائيلي: المستوطنات، الأطفال الأسرى، و الحصار على غزة”، شارك في تلك الندوة خبراء ومتخصصون في أوضاع حقوق الإنسان في الاراضي المحتلة وهم الأكاديمية والمتخصصة في التاريخ الفلسطيني آن عرفان، والناشط والباحث الفلسطيني محمود زواهرة، والمحامية الجنائية سلمى كارمي أيوب، هذا بالإضافة إلى مشاركات من داخل الأراضي المحتلة عبر سكايب مع الناشطتين أمل أبو معيلق من غزة وعهد التميمي من الضفة الغربية.
ركزت الندوة على الوضع الراهن في فلسطين، وأولى المتحدثون اهتماماً خاصاً بملف حقوق الإنسان والتهديدات الجوهرية التي تحيط به في ضوء استمرار قوات الاحتلال في اعتقال القصر وسجنهم، والتوسع في انشاء المستوطنات مع استمرار الحصار المفروض على غزة، كما تم إلقاء الضوء على قانون “أساس القومية”، أدار الندوة المحامية المتخصصة سلمى أيوب.
افتتحت الندوة الأكاديمية بكلية لندن للاقتصاد آن عرفان، وركزت في كلمتها على التعليم في فلسطين والتهديدات التي تحيط به في الوقت الحالي، حيث بدأت كلمتها بالإشارة إلى الوضع في “خان الأحمر” وتأثيره السلبي على نظام التعليم في فلسطين بسبب انتهاكات قوات الاحتلال.
وأكدت آن أن قوات الاحتلال الإسرائيلية ملزمة بموجب القانون الدولي باتخاذ كافة الترتيبات القانونية اللازمة لتوفير مناخ تعليمي جيد للفلسطينيين الذين يعيشون في أماكن تحت سيطرتهم، مضيفة أنه وعلى الرغم من ذلك فقد فشل الاحتلال في توفير مناخ آمن للتعليم، بل على النقيض تواجه 61 مدرسة بالضفة الغربية في الوقت الحالي أوامر هدم أو أوامر وقف العمل من قبل قوات الاحتلال، وفي غزة تعثر أكثر من 29 ألف طالب في مواصلة مسيرتهم التعليمية حيث تضررت 14 مؤسسة من مؤسسات التعليم العالي بالإضافة إلى تدمير العديد من المدارس بالهجمات الجوية، كما لقي 412 طالباً حتفهم خلال الحملة العسكرية الإسرائيلية عام 2014.
وأضافت آن أن ظروف التعليم في قطاع غزه صعبه ليس فقط بسبب الهجمات الجوية، فحتى في الأوقات العادية التي لا يوجد فيها هجوم أو قصف جوي، فإن الظروف القاسية المتسبب فيها الحصار أدت إلى إحداث تكدس وكثافة عالية داخل الفصول الدراسية مع نقص في أدوات التعليم الأساسية.
في ذات السياق تحدثت آن عن ارتفاع معدلات اعتقال القصر في الضفة الغربية على أيدي قوات الاحتلال وتأثير ذلك على نظام التعليم واصفة إياه بأنه يشكل عائقاً أمام تحقيق مناخ تعليم صحي، موضحة أنه تتم محاكمة نحو 700 طفل فلسطيني سنوياً في المحاكم العسكرية الإسرائيلية، أغلبهم قيد الاعتقال الإداري، وخلال فترة احتجازهم تتنصل إسرائيل من مسؤوليتها في تزويدهم بمناهج تعليم تتوافق مع مراحلهم العمرية، مع حرمان الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 16-18 عاماً من أي نوع من التعليم.
وشددت آن على أن حرمان الأطفال من التعليم يتعارض مع القانون الدولي الإنساني، مضيفة أنه منذ بداية فترة رئاسة ترامب تفاقمت مشكلة التعليم حيث ضاعفت إدارة ترامب من القيود المفروضة على التعليم في فلسطين من خلال تقليص تمويل منظمة “الأونروا”، والتي كانت تلبي احتياجات 500000 من أطفال فلسطين مع توفير تعليم مجاني لهم.
تبع حديث آن عرفان كلمة الناشط والباحث الفلسطيني محمود زواهرة، والتي تناول فيها قضية المستوطنات الإسرائيلية وما يمكن أن يقوم به المجتمع الدولي من أجل المساعدة في حل تلك المحنة التي يعاني منها الفلسطينيين.
ذكر زواهرة أن قضية المستوطنات مرت بثلاث مراحل وهي ما قبل أوسلو، وأثناء أوسلو، وما بعدها، موضحاً الزيادة الملحوظة في بناء المستوطنات غير الشرعية على الأرض في الضفة الغربية، مشيراً إلى أنه في الوقت الذي كان من المفترض أن “يصنع فيه السلام”، ارتفع عدد المستوطنين الإسرائيليين داخل الضفة الغربية من 100 ألف إلى 600 ألف.
وأضاف زواهرة أنه يُطلب من الفلسطينيين باستمرار اثبات ملكيتهم القانونية للأرض التي يقيمون فيها داخل الأراضي المحتلة، في حين أن قوات الاحتلال نادراً ما تفتح أي تحقيق مع المستوطنين الإسرائيليين سكان المستوطنات المتنقلة على الرغم من حقيقة أن أغلب أولئك المستوطنين انتقلوا للعيش داخل الضفة الغربية من دول خارج إسرائيل من الأساس.
وبين زواهرة إلى إنه يجب الوضع في الاعتبار أن حكومة الاحتلال استخدمت ولا زالت اتفاقيات أوسلو كوسيلة لإضفاء الشرعية على ممارساتها المختلفة داخل الأراضي المحتلة.
وأوضح زواهرة أنه من أجل مساعدة الشعب الفلسطيني في محنته الناتجة عن انتهاكات حقوق الإنسان، فإن أفضل طريقة لإحداث تأثير فعال في مواجهة الاحتلال هو المقاومة السلمية، وذكر على سبيل المثال أن اللجوء للمقاطعة يعد أفضل الوسائل في تلك المقاومة، خاصة فيما يتعلق بالمنتجات الغذائية التي تقوم بريطانيا باستيرادها من إسرائيل، حيث أن مدخول تلك الصادرات لا يساهم بشكل مباشر في بناء المستوطنات غير القانونية فحسب بل يساهم في تمويل الحكومة الإسرائيلية التي تقوم بدورها برعاية تلك المستوطنات وبقية الممارسات غير القانونية بالضفة الغربية.
تحدثت المحامية سلمي كارمي أيوب بعد ذلك، وتناولت في حديثها الوضع في “خان الأحمر” من وجهة نظر القانون الدولي، وبدأت كلمتها بالإشارة إلى أن ممارسات حكومة الاحتلال ليست شيئاً جديداً عليها، إلا أن ممارساتها الأخيرة باتباع سياسات الطرد في تلك المنطقة تنذر بالخطر بسبب عدم خضوع إسرائيل لأي مساءلة.
فيما يتعلق بخان الأحمر، قالت سلمى أن المنطقة تعتبر ذات أهمية استراتيجية قصوى لإسرائيل، بسبب وقوعها بين المستوطنات الإسرائيلية وبين الضفة الغربية، ما يفسر سعي إسرائيل لانتزاعها لخدمة أهداف استراتيجية لتقطيع أوصال الضفة الغربية وتحقيق تواصل الكتل الاستيطانية هناك.
وأضافت أنه ومن وجهة نظر القانون الدولي فإن عمليات هدم الخان الأحمر المخطط لها غير قانونية بالمرة، فوفقاً للأمم المتحدة أنه في حال استمرار إسرائيل في عمليات الهدم والتهجير فإنها بالفعل تقوم بارتكاب جريمة حرب.
ولفتت أنه بما أن الضفة الغربية تعتبر أراض محتلة، فإن إسرائيل كونها المحتل عليها التزامات بحكم القانون الدولي تجاهها، من بينها عدم البناء على أي أراض فلسطينية، كما يجرم القانون تهجير الناس من مدنهم أو قراهم بالإضافة إلى وجوب ضمان توفير أساسيات الحياة اليومية من غذاء وماء، وهو ما يتناقض كليا مع ما تقوم به إسرائيل مع خان الأحمر والمتسبب في نقص في الماء والغذاء وأثر سلباً على التعليم.
بعد ذلك انتقل الحضور إلى المشاركات الخارجية عبر سكايب، حيث تحدثت الناشطة والباحثة الفلسطينية أمل أبو معيلق، وناشدت في بداية حديثها الحضور بمطالبة الحكومة البريطانية بوقف تسليح إسرائيل لما تقوم به من انتهاكات بغزة، وأشارت إلى انتهاكات إسرائيل خلال أحداث مسيرات يوم العودة الكبرى والتي نتج عنها مقتل العشرات وإصابة نحو 1600 مواطن غزاوي.
وتحدثت أمل عن قيام قوات الاحتلال بقصف أحد المباني الثقافية في غزة، والتي كان يؤدي فيها بعض الطلاب رقصة “الدبكة”، وقد وقعت تلك الحادثة بعد قصف آخر تسبب في مقتل امرأة حامل، وهو بحسب أمل، يدل على سعي الإسرائيليين لإخضاع الفلسطينيين واسكات أصواتهم للكف عن المطالبة بحقوقهم الأساسية.
وأضافت أمل أن غزة تعاني بشدة بسبب القصف المستمر عليها، حيث أثر ذلك سلباً على التعليم والغذاء، كما أن غزة تعاني من نقص في المعدات الطبية، وأن القصف المستمر للمستشفيات يزيد من هذه المعاناة.
ثم شاركت أيضاً عبر سكايب من الضفة الغربية الطفلة والناشطة الحقوقية والأسيرة المحررة مؤخراً من السجون الإسرائيلية عهد التميمي، والتي كانت قيد الاعتقال لمدة 8 أشهر.
تحدثت عهد التميمي عن تجربتها في السجون الإسرائيلية، وعن ظروف احتجاز القصر بشكل عام داخل سجون الاحتلال، وقالت إن احتجازها في السجن الإسرائيلي كان بمثابة سلسلة من الأعمال الغير قانونية التي قامت بها إسرائيل، ليس فقط بحقها، بل في حق جميع القصر المعتقلين لديها، حيث لم يتم استجوابها من قبل محققة، كما أن التحقيق معها تم دون وجود المحامي الخاص بها أو أحد أفراد أسرتها، وهي حقوق أساسية للقاصر المعتقل وفقاً للقانون الإسرائيلي.
وأضافت أنها تعرضت للتحرش من قبل المحقق الذي تولى التحقيق معها، والذي كان يخبرها أنها تتمتع بشعر جميل وعينين جميلتين، وغيرها من الأمور المشابهة التي وصفتها بالمزعجة.
وأشارت عهد إلى أن ظروف احتجاز الأطفال عموماً في السجون الإسرائيلية بالضفة الغربية تلحق أضراراً بالغة بالطفل على مختلف المستويات، فالأطفال يتم احتجازهم في زنازين انفرادية وعزلهم عن المجتمع الخارجي بصورة تامة، وهو ما يعوق التنمية الذاتية، كما يتم تجاهل الأحكام التي تقضي باستكمال أولئك الأطفال تعليمهم.
إن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، وفي ضوء ما تم مناقشته وعرضه من معلومات وحقائق خلال تلك الندوة تدعو حكومات كافة الدول بما فيها حكومة المملكة المتحدة بالتوقف العاجل عن تقديم أي دعم مادي أو دبلوماسي للحكومة الإسرائيلية لاستمرارها في انتهاك القانون الدولي الإنساني، مؤكدة أنه من الضروري أن تستمر منظمات حقوق الإنسان في نشاطاتها المختلفة في الدفاع عن قوانين وقواعد حقوق الإنسان، وأن تبذل قصارى جهدها للتأكيد على احترام تلك الحقوق.