فيما يواصل الاحتلال الإسرائيلي حربه الشاملة على قطاع غزة منذ قرابة عامين؛ تتكشّف يوميًا فصول جديدة من المأساة التي تحوّل حياة المدنيين الفلسطينيين إلى جحيم دائم، عبر القتل الممنهج، والحصار الخانق، وتدمير البنية التحتية، وتهجير السكان، في مشهد يرقى بكل معاييره إلى حرب إبادة جماعية.
ومنذ فجر الاثنين؛ قُتل 11 فلسطينيًا وأصيب آخرون في سلسلة من الغارات والقصف المدفعي على مناطق متفرقة من القطاع.
ففي مدينة غزة، استهدفت غارة جوية خيمة تؤوي نازحين في شارع اللبابيدي (غرب)، ما أسفر عن مقتل 3 من عائلة أبو هربيد (زوجان وطفلهما).
وفي تطور مأساوي آخر، فارق الصحفي محمد الخالدي الحياة متأثرًا بجراحه التي أصيب بها مساء الأحد جراء قصف خيمة قرب مستشفى الشفاء، وهي الضربة التي قتلت في حينها 5 صحفيين آخرين.
وعلى مدار الليل؛ صعّد الاحتلال عملياته في الأحياء الشرقية الجنوبية للمدينة، لا سيما الزيتون والشجاعية، عبر غارات وأحزمة نارية وعمليات نسف لمبانٍ ومنشآت، في سياسة تهدف إلى تسوية الأحياء بالأرض.
وفي خان يونس؛ قُتل 7 فلسطينيين من عائلة أبو شمالة إثر استهداف شقة سكنية في المعسكر الغربي بطائرة مسيّرة انتحارية.
وفي وسط القطاع، قُتل طفل وأصيب أربعة آخرون بعد أن استهدفت قوات الاحتلال تجمعًا لمنتظري المساعدات قرب شارع صلاح الدين جنوب وادي غزة، في حلقة جديدة من سياسة استهداف المدنيين حتى في لحظات بحثهم عن الغذاء.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، ينفذ الاحتلال، بدعم أمريكي، عملية إبادة جماعية شاملة في غزة، تشمل القتل المباشر، والتجويع، والتدمير واسع النطاق، والتهجير القسري، في تجاهل كامل لقرارات محكمة العدل الدولية والنداءات الأممية.
وقد أسفرت هذه الحرب حتى الآن عن مقتل 61,430 فلسطينيًا وإصابة 153,213 آخرين، إلى جانب أكثر من 9,000 مفقود، ونزوح مئات الآلاف، فيما تفتك المجاعة بحياة كثيرين، بينهم عشرات الأطفال.
ويعكس هذا النمط من الاستهداف الذي يمس المدنيين في حياتهم ولقمة عيشهم وأماكن لجوئهم، سياسة عقاب جماعي، وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، ويرقى إلى جريمة إبادة جماعية بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة لعام 1948، ما يجعل ما يجري في غزة مأساة إنسانية غير مسبوقة في العصر الحديث، تستوجب تحركا جادا من المجتمع الدولي.