لليوم الـ22 على التوالي؛ تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عملياتها العسكرية واسعة النطاق في مدينة جنين ومخيمها، ما أدى إلى سقوط 25 قتيلاً وعشرات الإصابات، إلى جانب تدمير واسع للبنية التحتية والممتلكات.
وفجر اليوم؛ اقتحمت قوات الاحتلال الحي الشرقي في المدينة، ترافقها جرافات عسكرية شرعت في تجريف الطرق والممتلكات العامة والخاصة، فيما اعتلى القناصة أسطح البنايات العالية والمنازل، في مشهد يعكس سياسة العقاب الجماعي التي ينتهجها الاحتلال ضد الفلسطينيين.
وبحسب مساعد محافظ جنين، منصور السعدي؛ فإن الحملة العسكرية أدت إلى نزوح أكثر من 20 ألف مواطن قسراً، وهو ما يشكل انتهاكاً خطيراً لمبادئ القانون الدولي الإنساني، الذي يحظر التهجير القسري للسكان تحت أي ظرف.
من جهته، أكد رئيس بلدية جنين، محمد جرار، أن المدينة تكبدت خسائر اقتصادية تجاوزت ملياري دولار خلال السنوات الثلاث الماضية نتيجة عمليات الاقتحام المتكررة، والتي بلغت 104 اقتحامات.
وأضاف أن ما يجري هو “الأشد تدميراً”، لا سيما مع تهجير 15 ألف مواطن من المدينة في ظل أزمة اقتصادية خانقة.
وفي تصعيد خطير آخر؛ تحاصر قوات الاحتلال مستشفى جنين الحكومي منذ أيام، حيث جرفت مدخله والطرق المؤدية إليه، فيما يعاني المستشفى نقصاً حاداً في المياه الصالحة للشرب، ويعمل بالحد الأدنى من طاقته الاستيعابية، ما يشكل جريمة حرب بموجب اتفاقيات جنيف، التي تحظر أي أعمال عدائية ضد المنشآت الطبية.
طولكرم ومخيميها.. قصف واقتحامات ونزوح قسري
في مدينة طولكرم ومخيميها (طولكرم ونور شمس)، دخل العدوان الإسرائيلي يومه السادس عشر وسط تصعيد عسكري ممنهج، حيث تفرض قوات الاحتلال حصاراً مشدداً على المخيمين، وتنشر آلياتها العسكرية والقناصة على أسطح المباني، وسط عمليات اقتحام للمنازل وتدمير للبنية التحتية.
ووفق شهود عيان؛ فقد أصبحت مناطق واسعة داخل المخيمين خالية من السكان بعد موجات نزوح جماعية، خاصة في أحياء المسلخ، والمنشية، وجبل الصالحين. وتم تسجيل حالات إطلاق نار عشوائي داخل المنازل بعد اقتحامها، ما أدى إلى مقتل ثلاثة مدنيين، بينهم سيدتان، إحداهما حامل في شهرها الثامن.
كما أقدمت قوات الاحتلال على تدمير شبكات الكهرباء والمياه والاتصالات داخل مخيم نور شمس، مما فاقم الأزمة الإنسانية للسكان المتبقين.
وتمثل هذه الجرائم انتهاكاً جسيماً للحقوق الأساسية المكفولة بموجب القانون الدولي، خصوصاً المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر العقوبات الجماعية والتدمير غير المبرر للبنية التحتية.
مخيم الفارعة.. تهجير جماعي واستهداف الأطفال
في مخيم الفارعة؛ يتواصل العدوان الإسرائيلي لليوم العاشر على التوالي، حيث أجبرت قوات الاحتلال نحو 200 عائلة (حوالي 1000 مواطن) على النزوح القسري تحت تهديد السلاح.
وأفادت مصادر محلية أن العائلات التي هجّرت قسراً لجأت إلى مدن وبلدات مجاورة، مثل طوباس وطمّون وعقابا، وهو ما يزيد من الأعباء الإنسانية على السكان والجهات الإغاثية.
وفي تطور خطير، اقتحم جنود الاحتلال، اليوم، روضة الأطفال الحكومية في المخيم، وقاموا بتخريب محتوياتها. وبحسب مدير التربية والتعليم في طوباس، عزمي بلاونة، فإن الروضة كانت تقدم خدماتها لنحو 120 طفلاً.
ويُعد استهداف المؤسسات التعليمية بهذا الشكل يعد انتهاكاً صارخاً للبروتوكولات الدولية المتعلقة بحماية حقوق الأطفال أثناء النزاعات المسلحة، وخاصة اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989.
إن ما يجري في جنين وطولكرم والفارعة يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، حيث تتزايد الأدلة على ارتكاب قوات الاحتلال جرائم حرب، من بينها:
– القتل العمد واستهداف المدنيين، وهو محظور بموجب المادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
– التهجير القسري للسكان، والذي يعد جريمة ضد الإنسانية بموجب المادة 7 من نفس النظام.
– تدمير البنية التحتية والممتلكات المدنية دون ضرورة عسكرية، وهو خرق للمادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة.
– حصار المستشفيات وحرمان المرضى من العلاج، ما يتعارض مع الالتزامات الدولية بحماية المرافق الطبية.
إن استمرار الاحتلال الإسرائيلي في هذه الجرائم يستوجب تحركاً دولياً عاجلاً لوقف العدوان ومحاسبة المسؤولين عنه، حيث يجب على المنظمات الحقوقية والمحكمة الجنائية الدولية التحقيق في هذه الانتهاكات، لضمان عدم إفلات الجناة من العقاب.