تتزايد المخاوف الحقوقية بشأن استمرار حبس المعتقلين في مصر على ذمة قضايا سياسية، حيث يتم احتجازهم لفترات طويلة دون تقديم أدلة مادية تدعم الاتهامات الموجهة إليهم، مما يثير تساؤلات حول سلامة الإجراءات القانونية، ومدى التزامها بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.
وفي هذا الإطار؛ أجرت نيابة أمن الدولة العليا في مصر تحقيقات مع 69 معتقلاً في ثلاث قضايا سياسية مختلفة، بينهم الناشطة آية كمال الدين، المحتجزة في سجن القناطر للنساء، وقررت استمرار حبسهم جميعاً.
ويأتي هذا القرار في ظل توقف التحقيقات لفترات طويلة؛ إذ توقفت بعض القضايا عن التحقيق منذ عدة أشهر، وتحديداً القضية رقم 1983 لسنة 2021، التي يتم فيها تجديد حبس المعتقلين بشكل روتيني دون تقديم أدلة جديدة أو إجراء تحقيقات إضافية منذ العام 2021.
وكان قد أُفرج في وقت سابق عن بعض المعتقلين من هذه القضايا، ليتم استدعاؤهم لاحقاً لاستكمال التحقيقات، حيث تم تحديد جلسات جديدة لهم الأسبوع المقبل.
وأفادت مصادر حقوقية أن التحقيقات اقتصرت على استجواب المعتقلين بناءً على تحريات الأمن الوطني، وهي التحريات التي تمثل الأدلة الوحيدة التي تستند إليها النيابة في توجيه الاتهامات واستمرار قرارات الحبس الاحتياطي. ويرى الدفاع أن هذه التحريات “مكتبية وغير مدعومة بأدلة مادية ملموسة”، ما يجعل استمرار الحبس بلا مبرر قانوني.
وتشمل الاتهامات الموجهة للمعتقلين في القضايا الثلاث “الانضمام إلى جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، نشر أخبار ومعلومات كاذبة، إساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وتمويل جماعة محظورة لتعزيز تحقيق أغراضها”، وهي اتهامات درج النظام على اتخاذها ذريعة للتنكيل بمعارضيه.
ويعكس استمرار حبس الناشطة آية كمال الدين وقرابة 70 معتقلاً في مصر انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان، خاصةً فيما يتعلق بالحق في محاكمة عادلة وسرعة الإجراءات القانونية، حيث إن استخدام الحبس الاحتياطي كوسيلة لتقييد حرية الأفراد دون وجود أدلة مادية ملموسة يمثل تعديًا على مبدأ “المتهم بريء حتى تثبت إدانته”.
كما أن اعتماد نيابة أمن الدولة العليا على تحريات الأمن الوطني فقط في توجيه الاتهامات واستمرار قرارات الحبس الاحتياطي يعد تجاوزًا قانونيًا، لا سيما إذا كانت هذه التحريات غير مدعومة بأدلة حقيقية تثبت التهم. فغياب الأدلة المادية يجعل هذه الإجراءات فاقدة للأسس القانونية العادلة، وهو ما يتنافى مع المبادئ الدولية لحقوق الإنسان.
ويتوجب على السلطات المصرية أن تطلق سراح جميع المعتقلين الذين يتم احتجازهم دون تهمة واضحة أو أدلة ملموسة، مع التأكيد على ضرورة ضمان استقلال القضاء وإجراء تحقيقات عادلة ومستقلة، ووضع حد لاستخدام الحبس الاحتياطي المطول، والذي يتناقض مع المعايير الدولية للمحاكمة العادلة، ويعرض المعتقلين لانتهاكات مستمرة، في غياب إجراءات قانونية منصفة.