قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا إن السلطات المصرية، وفي لحظة إنسانية فارقة تزداد فيها المطالب الشعبية والدولية بوقف الإبادة الجماعية التي يتعرض لها سكان قطاع غزة منذ أكثر من عشرين شهر، اختارت أن تقف في الجانب الخطأ مجددا وبدلا من أن تُسهم في دعم التحركات الشعبية النبيلة مثل قافلة الصمود المتجهة نحو معبر رفح تضامنًا مع الشعب الفلسطيني، أقدمت على منع دخول المشاركين عبر مطار القاهرة، وداهمت فنادق في العاصمة، واعتقلت نشطاء من جنسيات مختلفة قدموا بدافع إنساني بحت للتضامن مع غزة المحاصرة.
وأوضحت المنظمة أن قيام أجهزة الأمن المصرية باحتجاز عشرات النشطاء من تونس والجزائر وفرنسا، بينهم محامون وحقوقيون، في مطار القاهرة دون طعام أو ماء لساعات طويلة، ومصادرة هواتفهم ووثائقهم، ومنعهم من التواصل مع محامين أو بعثاتهم الدبلوماسية تمثّل انتهاكًا صارخا للمواثيق والحقوق الدولية وترسل إلى الاحتلال رساله مفادها أن النظام المصري مستمر في منع أي مظاهر تزعجه بينما يرتكب أبشع الجرائم .
وأضافت المنظمة أن وزارة الخارجية المصرية أصدرت بيانًا رنّانًا تحدثت فيه عن دعمها لحقوق الفلسطينيين وترحيبها بالتضامن الشعبي، لكنها اشترطت “احترام الإجراءات التنظيمية” كالحصول على التأشيرات والموافقات المسبقة، في المقابل، لم يُجب أي طرف رسمي على طلبات التأشيرات التي أُرسلت منذ أسابيع، ما يؤكد أن هذا الشرط استخدم كذريعة لمنع أي فعل تضامني حقيقي على الأرض.
وأشارت المنظمة أن الاكتفاء بإطلاق العبارات العاطفية والصمت أمام الإبادة المستمرة، ثم قمع أو منع أي فعل شعبي تضامني على الأرض، يرقى إلى التواطؤ المباشر في الجريمة، خاصة من دولة مجاورة لغزة وتتحكم في أحد أهم معابرها، ففي الوقت الذي يقتل فيه الناس وتدمر مساكنهم ويهجروا ويجوعوا التزم النظام المصري الصمت واكتفى بإصدار البيانات بل تدفقت البضائع من الموانئ المصرية إلى الاحتلال بعد أن فُرض حصار بحري فعّال على السفن المتجهة لفلسطين المحتله من قبل جماعة الحوثي.
وأكدت المنظمة أن النظام المصري تواطأ مع حكومة الاحتلال منذ الأيام الأولى للحرب، حين أغلق معبر رفح قبل أن تسيطر عليه قوات الاحتلال، ومنع إدخال المساعدات أو فتح المجال لأي تضامن شعبي حقيقي. بل تمادت الأجهزة الأمنية في مطاردة كل من يجرؤ على التعبير عن تضامنه، حتى من الأجانب الذين دخلوا البلاد بصورة قانونية.
إن ما حدث مع قافلة الصمود، والتي ضمت مئات النشطاء من المغرب العربي وأوروبا، يمثل فضيحة جديدة في سجل الانتهاكات الممنهجة بحق كل من يتضامن مع غزة. لقد تم اعتقالهم، ترحيل بعضهم، تعقّب آخرين في فنادقهم، ومصادرة حريتهم وأصواتهم، فقط لأنهم أرادوا الوقوف إلى جانب المحاصرين في القطاع.
ونوهت المنظمة أنه من غير المقبول أن يُلغى دور الشعب المصري في التضامن مع الشعب الفلسطيني، وفي الوقت الذي لا تهدأ فيه التظاهرات في العواصم الغربية، ولا تتوقف الضغوط الشعبية في أوروبا وأمريكا، فمن المؤسف أن تبقى دول عربية وازنة في حالة شلل تام.
كان يجب أن تسيّر هذه القافلة في الشهر الأول من عمر الإبادة وأن تكون الفعاليات الشعبية في الدول المجاورة المبادرة لتنظيمها ، إلا أن تنظيمها من جهات بعيدة جغرافيا و انطلاقها في هذا الوقت له أهمية في تعظيم الجهود لوقف الإبادة خاصة مع تصاعد الأصوات الرسمية في الغرب المطالِبة بوقفها.
إن التضامن مع الشعب الفلسطيني ليس جريمة، بل واجب أخلاقي وإنساني، وإن المجتمع الدولي مطالب بالتحرك العاجل للضغط على السلطات المصرية لفتح الطريق أمام المتضامنين للوصول إلى معبر رفح دون أي عوائق كما دعت إلى العمل من أجل الإفراج الفوري عن جميع المحتجزين والسماح بمرور القافلة باتجاه معبر رفح.
ودعت المنظمة كافة القوى والهيئات المدنية والحقوقية والنقابية في العالم العربي، وفي مقدمتها مصر، إلى التحرك العاجل والضغط لوقف هذا النهج القمعي الذي يُمارس ضد المتضامنين مع غزة، ولإجبار السلطات المصرية للسماح بالتظاهر ومرور قوافل الدعم ووقف ملاحقة النشطاء. لقد آن الأوان أن يسمع النظام المصري صوت الشعوب العربية، لا صوت الاحتلال وضغوطه.
كما توجه المنظمة نداءً خاصًا إلى شيخ الأزهر الشريف، الإمام الأكبر أحمد الطيب، لما له من مكانة دينية ورمزية كبرى في وجدان الأمة الإسلامية والعربية، بأن يرفع صوته بوضوح دفاعًا عن الحق الفلسطيني ورفضا للإبادة وأن يعمل على تنظيم قوافل تتجه لمعبر رفح لإرسال رسالة إلى الاحتلال كفى قتل وكفى تدمير ورسالة لسكان غزة أنهم لن يتركوا وحدهم بعد الآن.