لليوم الخامس على التوالي؛ تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي حصارها واقتحامها لبلدة طمون ومخيم الفارعة جنوب طوباس، وسط تدهور متسارع في الأوضاع الإنسانية.
ويتزامن هذا التصعيد مع استمرار الحصار المشدد على مدن ومخيمات أخرى في الضفة الغربية، حيث يدخل العدوان على مدينة طولكرم ومخيمها يومه الحادي عشر، بينما يستمر حصار جنين ومخيمها لليوم السابع عشر على التوالي.
ودفعت قوات الاحتلال بتعزيزات عسكرية مكثفة إلى بلدة طمون ومخيم الفارعة، وأغلقت جميع مداخل المنطقتين، مانعة حركة المواطنين، ما تسبب في أزمة إنسانية خانقة.
وبالتوازي مع الحصار؛ نفذت قوات الاحتلال عمليات مداهمة واسعة، شملت عشرات المنازل، وأسفرت عن اعتقال 11 مواطنًا يوم أمس، إضافة إلى عمليات احتجاز وتحقيق ميداني استهدفت العديد من الأهالي.
وبسبب العدوان الإسرائيلي؛ تعاني المنطقة من انقطاع كامل للمياه والكهرباء في أجزاء واسعة من طمون والفارعة، بعد أن قامت جرافات الاحتلال بتدمير خطوط المياه والبنية التحتية الأساسية، ما فاقم من معاناة السكان، خاصة مع عدم السماح بإدخال المواد الغذائية الأساسية وحليب الأطفال.
ولم تكتفِ قوات الاحتلال بحصار السكان وحرمانهم من أساسيات الحياة، بل استمرت في تنفيذ عمليات قصف عبر الطائرات المسيّرة على عدة مواقع داخل بلدة طمون خلال اليومين الماضيين، ما أسفر عن أضرار مادية جسيمة دون وقوع إصابات بشرية حتى الآن.
كما أعلنت سلطات الاحتلال، عبر مكبرات الصوت، فرض حظر تجول حتى يوم الأحد المقبل، رغم أن التنقل داخل البلدة والمخيم كان عمليًا مستحيلًا منذ بدء العدوان.
وفي الوقت نفسه؛ أجبرت هذه الاعتداءات عشرات العائلات على النزوح من منازلها، خاصة في المناطق الواقعة على أطراف البلدة والمخيم، حيث حوّلتها قوات الاحتلال إلى ثكنات عسكرية مغلقة.
وامتد تأثير الحصار إلى قطاع الزراعة والثروة الحيوانية، حيث منع الاحتلال المزارعين من الوصول إلى أراضيهم لجني محاصيلهم أو رعاية مزروعاتهم، ما يهدد بخسائر فادحة. كما لم يتمكن مربو المواشي من الوصول إلى مزارعهم لتوفير الأعلاف والمياه، ما ينذر بنفوق أعداد كبيرة من المواشي والدواجن، وبالتالي تفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية في المنطقة.
ويتزامن هذا الحصار مع عدوان واسع ينفذه الاحتلال في مناطق متفرقة من الضفة الغربية، أبرزها الحصار المفروض على مدينة طولكرم ومخيمها منذ 11 يومًا، والذي أدى إلى مقتل واعتقال العشرات، إضافة إلى استمرار الحملة العسكرية على جنين ومخيمها منذ 17 يومًا، حيث تشهد المدينة تدميرًا منهجيًا للبنية التحتية ونزوحًا قسريًا لعدد كبير من العائلات.
ويندرج هذا العدوان الإسرائيلي ضمن سياسة العقاب الجماعي، وهو ما يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، ولا سيما اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر العقوبات الجماعية والاستهداف العشوائي للبنية التحتية والسكان المدنيين.
وسط هذا التصعيد؛ يتحتم على المجتمع الدولي التحرك العاجل لوقف الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة، ومحاسبة سلطات الاحتلال على هذه الجرائم التي تتزايد حدتها يومًا بعد يوم، في ظل غياب أي ردع دولي فعّال.