اقتحم مئات المستوطنين، الخميس، باحات المسجد الأقصى بمدينة القدس المحتلة، في خامس أيام ما يُعرف بـ”عيد الأنوار الحانوكاه العبري”، وذلك بحماية مشددة من قوات الاحتلال، حيث أدوا طقوسًا تلمودية وسجودًا علنيًا داخل باحات المسجد.
وأفاد شهود عيان بأن 621 مستوطنًا اقتحموا الأقصى على شكل مجموعات متتالية، ونفذوا جولات استفزازية في ساحاته، وأدوا ما يُسمى بـ”السجود الملحمي” بشكل علني، في انتهاك صارخ للوضع القائم التاريخي والقانوني للمسجد الأقصى، الذي يضمن خلوه من أي شعائر دينية غير إسلامية.
وبالتزامن مع الاقتحامات؛ شددت قوات الاحتلال إجراءاتها بحق الفلسطينيين، عبر تقييد دخول المصلين إلى باحات المسجد، وفرض عراقيل أمنية وحواجز عند الأبواب، ما حال دون وصول أعداد كبيرة من الفلسطينيين إلى الأقصى، في انتهاك مباشر لحقهم في حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية دون تمييز.
ويأتي هذا التصعيد في سياق سياسة متواصلة تهدف إلى فرض وقائع جديدة داخل المسجد الأقصى، من خلال تكثيف اقتحامات المستوطنين وتوسيع نطاق الطقوس العلنية التي تُمارس بحماية رسمية، بما يشكل مساسًا خطيرًا بالمكانة الدينية والقانونية للمسجد، ويهدد بتغيير طابعه الإسلامي الخالص.
ويُعد المسجد الأقصى أرضًا محتلة وفق القانون الدولي، ويخضع للحماية الخاصة التي تكفلها اتفاقيات جنيف، والتي تحظر على قوة الاحتلال المساس بالأماكن الدينية أو تغيير وضعها القائم أو فرض ممارسات دينية عليها. كما أن تقييد وصول السكان الأصليين إلى أماكن عبادتهم، مقابل تسهيل اقتحامات المستوطنين، يكرس سياسة تمييز واضحة تقوم على أساس ديني وقومي.
وتمثل هذه الاقتحامات المتكررة جزءًا من نهج أوسع يهدف إلى فرض السيطرة على القدس المحتلة، عبر عسكرة الحرم القدسي، وإضعاف الوجود الفلسطيني فيه، وخلق حالة دائمة من التوتر الديني. ويزيد من خطورة ذلك أن هذه الانتهاكات تتم برعاية مباشرة من قوات الاحتلال، ما ينفي عنها صفة “التصرفات الفردية” ويضعها في إطار السياسات الرسمية.
وينذر استمرار هذا النهج التصعيدي، لا سيما خلال الأعياد اليهودية، بتفجير الأوضاع في المدينة المقدسة، في ظل غياب أي مساءلة قانونية، واستمرار تجاهل الالتزامات المفروضة على الاحتلال بحماية المقدسات وضمان حرية العبادة للسكان الواقعين تحت الاحتلال.


























