يواصل النظام التونسي استهداف معارضيه المدنيين، مسلطاً على رقابهم سيف القضاء العسكري، في مخالفة لحق الإنسان في الحصول على محاكمة عادلة أمام قضاء مدني مستقل.
وفي هذا الإطار؛ أصدرت محكمة عسكرية في تونس، أحكاما متفاوتة بالسجن بحق خمسة برلمانيين سابقين متهمين في القضية المعروفة إعلاميا “بحادثة المطار”.
وقالت المحامية وعضوة هيئة الدفاع عن المتهمين، إيناس الحراث، عبر حسابها في موقع فيسبوك: “صدر حكم عن الدائرة الجناحية بمحكمة الاستئناف العسكرية ضد رئيس كتلة ائتلاف الكرامة (18 نائبا بالبرلمان المنحل من أصل 217) سيف الدين مخلوف بسنة وشهرين اثنين، و11 شهرا على مهدي زقروبة (من الكتلة نفسها) مع الحرمان من ممارسة مهنة المحاماة”.
وتابعت: “كما قضت المحكمة العسكرية على النواب في كتلة ائتلاف الكرامة نضال سعودي بالسجن 7 أشهر، وماهر زيد ومحمد العفاس بالسجن 5 أشهر لكليهما، مع عدم سماع الدعوى في حق النائب عن ذات الكتلة عبد اللطيف العلوي”.
وبينت الحراث في مقطع فيديو نشرته عبر حسابها على فيسبوك، إلى أن “الأحكام في طور نهائي”، واصفة إياها “بالقاسية وغير المنصفة، خاصة أنها جاءت من محكمة عسكرية”.
وأضافت: “سنواصل نضالنا وسندافع عن زملائنا المحامين ونواب كتلة ائتلاف الكرامة الرافضين للانقلاب، ولن يثنينا عن نضالاتنا لا المحاكم العسكرية أو غيرها”.
وفي 15 مارس/آذار 2021، شهد مطار “قرطاج” الدولي بالعاصمة تونس، شجارًا بين عناصر من أمن المطار ومحامين ونواب في “ائتلاف الكرامة” إثر محاولة الأخيرين الدفاع عن مسافرة مُنعت من مغادرة البلاد لدواعٍ أمنية بموجب ملحوظة “إس 17”.
وعلى إثر ذلك؛ أمرت النيابة العامة بفتح تحقيق حول ما جرى في المطار.
وملحوظة “إس 17” هو وسم أمني كان معتمدا خلال عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي، لتحديد كل من تحوم حولهم شبهة علاقة بتنظيمات توصف بـ”الإرهاب”، وتستخدم في محاصرة معارضي النظام تحت غطاء محاربة الإرهاب.
وكان النائب المحكوم عليه سيف الدين مخلوف، قد أكد في تصريحات إعلامية سابقة، أن أعضاء ائتلاف الكرامة المعارض مستهدفون من قبل الرئيس التونسي الحالي قيس سعيّد، الذي اتخذ قرار اعتقال عدد من أعضاء البرلمان بصورة تعسفية، وتقديمهم أمام المحاكم العسكرية بعد إسقاط الحصانة البرلمانية عنهم.
ويأتي هذا الحكم في ظل أزمة سياسية تعاني منها تونس منذ 25 يوليو/تموز الماضي، حين فرض سعيّد إجراءات “استثنائية” منها: تجميد اختصاصات البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة رئيس الحكومة، وتعيين أخرى جديدة.
وبعد إعلان الرئيس التونسي عن إجراءاته الاستثنائية؛ تعرض إعلاميون ومؤسسات إعلامية في تونس لتضييقات وملاحقات أمنية وعمليات توقيف ومتابعات قضائية على خلفية نشاطهم.
إضافة إلى ذلك؛ اعتقلت قوات الأمن في الفترة الماضية عدداً من أعضاء البرلمان التونسي، ما أثار مخاوف جهات حقوقية من دخول تونس في عصر الاستبداد والشمولية التي لا يحترم القانون، ولا تلقي بالاً لحقوق الإنسان وحريته في التعبير، وخصوصاً أن بعض هذه الاعتقالات جاء على خلفية قرارات قضائية عسكرية بحق مدنيين، وهو الأمر الذي ترفضه هذه الجهات.