في حي النصر غرب مدينة غزة؛ لم يكن الانفجار الذي وقع مساء الاثنين مجرد حادث معزول، بل حلقة جديدة في سلسلة تهدد حياة المدنيين منذ انتهاء العدوان العسكرية المباشر. فقد أدى انفجار داخل منزل يعود لعائلة الفيري إلى مقتل فلسطينيين اثنين وإصابة آخرين، في واقعة تعيد تسليط الضوء على الخطر المستمر الذي تشكّله مخلفات الحرب التي خلّفها الاحتلال خلفه في المناطق التي انسحب منها.
وسبق للمنزل المبني من عدة الطوابق أن تعرض لقصف خلال أشهر الإبادة، وكان يحتوي على بقايا متفجرات مطمورة داخل ركامه. ووفق شهود عيان؛ فقد وقع الانفجار بينما كان بعض الأطفال يعبثون بهذه المخلفات، في مشهد يعكس واقعاً شديد الخطورة تعيشه العائلات التي عاد أفرادها إلى بيوت متضررة ظنّوا أنها باتت آمنة.
وفي اليوم ذاته؛ سُجلت إصابة ثلاثة أطفال آخرين جراء انفجار جسمين من مخلفات عسكرية في منطقتي الشاطئ الشمالي وحي التفاح.
ويثير تزايد هذه الحوادث قلقاً متنامياً، إذ تعيش العائلات في بيئة مفتوحة على احتمالات انفجار مفاجئ، سواء في المنازل أو الساحات أو الطرقات.
وفي ظل افتقار البنية المدنية إلى إمكانات متخصصة للتعامل مع هذا الكم من الذخائر غير المنفجرة، تتحول المخلفات العسكرية إلى تهديد يومي يطال خصوصاً الفئات الأكثر هشاشة، وهم الأطفال الذين يلتقطون الأجسام الغريبة بدافع الفضول، والسكان الذين يرمّمون منازلهم بأيديهم دون إدراك لخطورة ما تخفيه الجدران المتصدعة.
ويعكس هذا الواقع فراغاً واضحاً في إجراءات الحماية، ويكشف استمرار تأثير الحرب حتى بعد توقف القصف، إذ تتحول مخلفاتها إلى امتداد صامت للعنف، يلاحق المدنيين ويقيد قدرتهم على العودة الطبيعية لحياتهم. فبقاء هذه المتفجرات بين الأحياء السكنية يحوّل كل خطوة إلى مجازفة، ويضع مسؤولية مضاعفة على الجهات المختصة لاحتوائها، وعلى المجتمع الدولي لتوفير دعم عاجل لإزالتها، قبل أن تتحول إلى مصدر إصابات جديدة في قطاع أنهكته سنوات من القصف والدمار.



























