تواصل الأزمة السودانية حصد أرواح المدنيين وسط حصار وقصف عشوائي في المناطق السكنية، ما يثير مخاوف جدية بشأن انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني.
وتواجه مدينة الفاشر التي تعد مركزاً حيوياً للعمليات الإنسانية في دارفور، مأساة إنسانية متفاقمة تحت الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع منذ عدة أشهر، مما يعرض آلاف المدنيين لخطر الموت بسبب الهجمات العشوائية ونقص الغذاء والدواء.
وفي هذا الإطار؛ أعلنت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، مقتل 782 مدنياً على الأقل وإصابة أكثر من 1143 آخرين في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، نتيجة حصار قوات الدعم السريع.
وأفاد المفوض السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، بأن “الحصار المستمر والقتال المتواصل يدمران حياة الناس يومياً على نطاق واسع”، داعياً قوات الدعم السريع إلى إنهاء الحصار فوراً.
وأشار تقرير المفوضية الأممية إلى أن المدينة شهدت خلال الأشهر السبعة الماضية تحولاً خطيراً إلى ساحة معركة بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية، حيث لجأ الطرفان إلى استخدام أسلحة متفجرة داخل المناطق السكنية.
وتسبب هذا التصعيد في مقتل مئات المدنيين، وترك آلافاً آخرين محاصرين دون أي ضمانات بالمرور الآمن أو الحصول على احتياجاتهم الأساسية.
وأكد تقرير الأمم المتحدة أن استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان يشكل انتهاكاً لمبدأ الحيطة المنصوص عليه في القانون الدولي الإنساني.
كما حذر المفوض السامي من أن الهجمات العشوائية ضد المدنيين والبنية التحتية قد ترقى إلى جرائم حرب، حاثاً جميع أطراف النزاع على احترام التزاماتهم بموجب القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك حماية المدنيين وتجنب استهداف الأعيان المدنية.
ويمثل الحصار المفروض على الفاشر جزءاً من أزمة أوسع نطاقاً تشهدها السودان منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل/نيسان 2023.
وتسببت الحرب التي امتدت إلى 13 ولاية من أصل 18، في مقتل أكثر من 20 ألف شخص وتشريد ما يزيد على 14 مليوناً.
ويهدد هذا الوضع بدخول السودان في كارثة إنسانية كبرى، حيث يعاني الملايين من نقص الغذاء والرعاية الصحية، مع انهيار النظام الإنساني في العديد من المناطق المتضررة.
وتعد المأساة التي تشهدها مدينة الفاشر، رمزاً للأزمة الإنسانية المتفاقمة في السودان، حيث يؤدي الحصار والهجمات العشوائية إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي، ما يحتم على المجتمع الدولي تكثيف الجهود لوقف القتال في المدينة وبقية المناطق المتضررة، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين المحاصرين، ومن محاسبة جميع الأطراف المسؤولة عن الانتهاكات التي قد ترقى إلى جرائم حرب، لضمان تحقيق العدالة ومنع تكرار هذه المآسي في المستقبل.