في مشهد يجسد الكارثة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة؛ أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة مصرع فلسطينيين اثنين وإصابة عدد آخر، جراء تدافع حشود من المدنيين اقتحموا مستودعًا للبرنامج في مدينة دير البلح وسط القطاع، بحثًا عن الطعام، في ظل المجاعة التي تعصف بالسكان نتيجة الحصار المفروض من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
وبحسب البيان الصادر عن البرنامج؛ فإن الحشود الغفيرة التي تعاني من الجوع الشديد أقدمت على اقتحام المستودع في محاولة يائسة للحصول على الغذاء، ما أدى إلى وقوع حالات وفاة وإصابات في صفوف المدنيين.
ويعكس هذا الحدث عمق الأزمة التي يرزح تحتها نحو 2.4 مليون فلسطيني محرومون من أبسط مقومات الحياة بفعل الحصار المشدد ومنع دخول المساعدات الغذائية والدوائية عبر المعابر.
إن ما يجري في غزة ليس مجرد أزمة إنسانية عابرة، بل هو تجسيد لسياسة ممنهجة تهدف إلى تجويع السكان وإخضاعهم، في انتهاك صارخ لقواعد القانون الدولي الإنساني، وعلى رأسها اتفاقيات جنيف التي تجرّم استخدام التجويع كسلاح ضد المدنيين. كما تنص المادة 54 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف على “حظر تجويع السكان المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب”.
ويشن الاحتلال الإسرائيلي، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حربا واسعة النطاق على القطاع المحاصر، أدى إلى مقتل ما يقرب من 177 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود تحت الأنقاض، وتهجير قسري لمئات الآلاف في ظروف إنسانية مروعة.
ويرقى ما يحدث في غزة إلى حرب إبادة جماعية، حيث يتعمد الاحتلال استخدام أدوات التدمير والتجويع والحرمان الممنهج من الرعاية الطبية والمياه النظيفة، مع استهداف البنية التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس ومراكز الإيواء.
وفي ظل هذه الوقائع؛ فإن الحاجة باتت ملحة إلى تدخل دولي فوري وفعّال لوقف الانتهاكات المستمرة، وتأمين ممرات إنسانية آمنة لتوزيع المساعدات الغذائية والطبية، وضمان حماية السكان المدنيين، ووقف سياسات العقاب الجماعي التي يدفع ثمنها الأبرياء في غزة.