شهدت مصر خلال الشهرين الماضيين تحركات قضائية لافتة، تمثلت في إحالة نيابة أمن الدولة العليا 38 قضية ذات طابع سياسي إلى المحاكمة الجنائية، تحت لافتة بالإرهاب والانضمام إلى جماعات محظورة.
وتشمل هذه القضايا، التي غطت وقائع تمتد بين عامي 2017 و2022، ما يقرب من 4 آلاف متهم، معظمهم قيد الحبس الاحتياطي منذ سنوات طويلة.
وكشفت مصادر قضائية أن الإحالات تتضمن العديد من التهم المتكررة، مثل الانضمام لجماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، التحريض على التظاهر، نشر أخبار كاذبة، وتمويل الجماعات الإرهابية. وجميعها تهم درج النظام المصري على توجيهها لمعارضيه ليتسنى له اعتقالهم والتنكيل بهم.
ومن المثير للقلق هو أن هذه التهم تشمل عدداً من النساء والفتيات، بعضهن من أقارب وذوي المعتقلين السياسيين، في ما يبدو أنه امتداد لسياسة توسيع دائرة الملاحقات الأمنية.
وتشير المعلومات إلى أن غالبية المتهمين تجاوزوا فترات الحبس الاحتياطي القانونية البالغة عامين، وفقاً لما ينص عليه القانون المصري. ويمثل هذا التجاوز انتهاكاً صارخاً للحقوق القانونية للمعتقلين، ما يفتح المجال لانتقادات واسعة محلياً ودولياً.
وتستند الإحالات إلى قانون الكيانات الإرهابية الصادر عام 2015، وهو قانون يمنح السلطات التنفيذية والقضائية صلاحيات واسعة تتيح محاكمة المتهمين استناداً إلى أدلة واهية أو شبهات، ما يجعل من القانون أداة لتقييد الحريات السياسية والتعبير عن الرأي.
وتشير هذه التحركات إلى استمرار تجاهل السلطات المصرية لحقوق المعتقلين الأساسية، خاصة في ما يتعلق بالحماية من الاحتجاز المطول دون محاكمة، ما يحتم على المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية، مطالبة النظام المصري باحترام الحدود الزمنية للحبس الاحتياطي، والإفراج عن المعتقلين الذين لم تثبت إدانتهم في إطار محاكمة عادلة.
كما أن الاعتماد على قوانين استثنائية، مثل قانون الكيانات الإرهابية، يجب أن يتوقف لصالح بناء نظام قضائي مستقل يحمي الحقوق والحريات.