أحالت نيابة أمن الدولة العليا في مصر 52 مواطناً، بينهم 4 صحافيين و8 فتيات، إلى المحاكمة الجنائية، وذلك بعد احتجازهم لسنوات على ذمة القضية رقم 680 لسنة 2020 حصر تحقيق أمن دولة عليا، التي شهدت انتهاكات جسيمة طالت جميع المعتقلين منذ لحظة اعتقالهم.
وتشمل الاتهامات الموجهة للمحالين للمحاكمة تهماً فضفاضة، مثل “الانضمام إلى جماعة محظورة، وتمويلها، ونشر أخبار كاذبة”، وهي اتهامات شائعة الاستخدام لتبرير القمع السياسي ضد الصحافيين والمعارضين والنشطاء.
ومن بين الصحافيين المحالين إلى المحاكمة، عمرو القزاز، أحد مؤسسي موقع “رصد”، ومدحت رمضان، وهو صحافي غير نقابي، بالإضافة إلى عمرو عماد عبد الله، وعبد الله شحاتة عبد الجواد.
أما قائمة المعتقلات، فتضم الطالبة استشهاد محمد كمال عيدية، التي تدرس في كلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر، والتي اعتُقلت من منزلها في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، وظلّت قيد الإخفاء القسري لمدة 10 أيام قبل أن تظهر على ذمة القضية. كما تشمل أسماء السيد عبد الرؤوف، التي اعتُقلت في 9 نوفمبر 2020، وتعرّضت للإخفاء القسري مدة 36 يومًا، والزهراء محمد أحمد، التي اعتُقلت بعد فتح القضية بثلاث سنوات، في 25 سبتمبر/ أيلول 2023.
وتضم القضية أيضًا المعتقلين: أحمد محمد إبراهيم علي، أحمد محمود محمد محمد عبد الغني، أحمد هاني محمود، إسلام عادل حسن، بدوي حاتم السيد، خالد أحمد عبد الفتاح محمود، خالد جمال عبد الفتاح، خالد عبد الله إبراهيم، سامح عبد السميع عبد الجواد، سيد عبد الحميد سيد، عبد الرحمن عبده عبده، عبد الرحمن محمد حافظ، عمر أحمد عبد العزيز، عمر محمود محمد، عمر محمود ياسين، محمد أحمد زكي، محمد أنور أحمد، محمد جمال عبد الغني، محمد حسن عبد الحميد، محمد سامح عبد الحميد، محمد عبد الرؤوف محمد، محمد عبد الله عيسى، محمد مجدي أحمد، محمود أحمد محمود، محمود جابر عبد المجيد، محمود محمد عبد العظيم، محمود ياسين محمود، مصطفى أحمد عبد النبي، مصطفى جمال متولي، مصطفى سامح عبد العزيز، مصطفى علي مصطفى، مصطفى محمد محمود، هشام أحمد محمود، هشام سامح عبد العزيز، يوسف أحمد محمود.
وعانى المعتقلون في هذه القضية من سلسلة انتهاكات صارخة منذ لحظة القبض عليهم، إذ تعرّضوا للإخفاء القسري لفترات تراوحت بين 5 أيام وثلاثة أشهر، وهي ممارسة محظورة بموجب الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، التي تُلزم الدول بعدم احتجاز أي شخص في مكان غير رسمي أو رفض الاعتراف بمصيره أو مكان احتجازه.
وبحسب شهادات؛ فقد تعرّض المعتقلون للتعذيب داخل مقرات الأمن الوطني، بما في ذلك الضرب والصعق بالكهرباء، وهي انتهاكات تتعارض مع المادة 5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تحظر إخضاع أي شخص للتعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
كما أفادت تقارير بأن بعض المعتقلين ظهروا في جلسات التحقيق وعليهم آثار واضحة للتعذيب، دون أن يتم التحقيق في تلك الانتهاكات أو محاسبة المسؤولين عنها.
وبالإضافة إلى التعذيب وسوء المعاملة؛ خالف استمرار احتجاز المعتقلين لأكثر من ثلاث سنوات الحدّ الأقصى للحبس الاحتياطي المنصوص عليه في المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية المصري، التي تقيّد الحبس الاحتياطي بعامين كحد أقصى في القضايا الجنائية. ومع ذلك، استمر احتجاز المعتقلين لما يزيد عن ثلاث سنوات، في انتهاك صريح للقانون المحلي والمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.
ويعكس استمرار الممارسات القمعية من اعتقال تعسفي وإخفاء قسري وتعذيب واحتجاز غير قانوني، نهج السلطات المصرية في إسكات الأصوات المعارضة دون أي التزام بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان. ومن هذا المنطلق؛ يجب على السلطات المصرية الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين في هذه القضية، وفتح تحقيق مستقل في الانتهاكات التي تعرضوا لها، ومحاسبة المسؤولين عن الإخفاء القسري والتعذيب والاحتجاز المطوّل خارج نطاق القانون.
كما يتعين على المجتمع الدولي الضغط على الحكومة المصرية للالتزام بتعهداتها الحقوقية، وإنهاء سياسة الاعتقال السياسي، وضمان حقوق الصحافيين والنشطاء في حرية التعبير وعدم التعرض للملاحقة التعسفية.