شهد مقر “أسطول الصمود المصري” لكسر الحصار عن غزة، في حي الدقي غرب القاهرة، حملة اعتقالات فجائية، طالت ثلاثة أشخاص، بينهم اثنان من أعضاء اللجنة التحضيرية، دون الإفصاح عن أماكن احتجازهم.
وتمثل هذه الخطوة انتهاكاً واضحاً للحقوق المدنية والسياسية، حيث جرت في سياق حصار أمني خانق للمقر الذي تحوّل خلال الأيام الماضية إلى مركز عمل شعبي يعبئ المساعدات ويحضّر لانطلاق قوافل بحرية لكسر الحصار عن غزة.
وأعلنت اللجنة المنظمة دخولها في حالة انعقاد دائم لمتابعة القضية، مؤكدة إصرارها على الاستمرار رغم التضييق، بينما يواصل متطوعون من محافظات عدة التوافد إلى المقر حاملين مساعدات أو عارضين دعمهم.
وتشكل هذه الاعتقالات خرقاً للدستور المصري الذي يكفل حرية الاجتماع والتنظيم، كما تنتهك التزامات مصر الدولية بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي لا يجيز تقييد حرية التجمع إلا في أضيق الحدود. فيما يمثل حجب المعلومات عن أماكن احتجاز المعتقلين مساساً خطيراً بضمانات المحاكمة العادلة، ويرقى إلى مستوى الممارسات المحظورة دولياً مثل الإخفاء القسري.
وعلى الصعيد الإنساني؛ فإن استهداف مبادرة ذات طابع مدني وإغاثي يتعارض مع المبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني، التي تؤكد على حق المدنيين في الحصول على الإغاثة وتمنع عرقلة وصول المساعدات. ولا يمكن تبرير التضييق على متطوعين يسعون لدعم سكان غزة المحاصرين، بل إنه يضع السلطات أمام مسؤولية مباشرة عن تقويض عمل إنساني مشروع.
إن ما جرى في مقر أسطول الصمود ليس مجرد حادث عرضي، بل اعتداء مباشر على حق المواطنين في التضامن مع ضحايا الحصار، ورسالة سلبية تعكس تغليب المقاربة الأمنية على حساب المبادئ الإنسانية. ومثل هذه الإجراءات لا تقوّض فقط الحملة الجارية، بل تضرب في العمق قيم العمل المدني وتضع مصر في مواجهة مع التزاماتها الحقوقية والدستورية.