قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا أن التسريبات التي تم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي لحياة السجناء من قيادات الإخوان المسلمين في مجمع سجون بدر3 شديد الحراسة في مصر، هي إثبات جديد على الظروف غير الإنسانية التي يعانون منها داخل السجون، ودليل على استخدام النظام كل أدواته للتنكيل بالمعتقلين بشكل دائم دون توقف.
أظهرت التسريبات المعتقل محمود عزت، الذي كان يشغل موقع القائم بأعمال مرشد الإخوان، والذي يقترب عمره من الثمانين عاما متجولا بين أرجاء زنزانته الانفرادية التي تملؤها القمامة، يفترش فيها الأرض ويحاول تغطية شباك الغرفة ببطانية ولاصق ليقي نفسه البرد، وقد سقط جانب من هذا الغطاء من شدة الهواء، ويؤكد التسريب ما اشتكى منه عزت أثناء عرضه على المحكمة من معاناته من البرد وأنه لا يرى الشمس ولا يستنشق الهواء إلا من خلال جدران السجن، وأظهرت التسريبات لمعتقلين آخرين يعانون من ذات الظروف القاسية.
وكعادتها نفت وزارة الداخلية صحة تلك المقاطع وقالت إنها لا تمت بصلة للأشخاص الذين تم ذكرهم في التسريبات وأنهم يتلقون الرعاية الطبية ويستخدمون المرافق وأضافت أنها سوف تتخذ إجراءات قانونية حيال تلك الادعاءات، وقد سبق ونشرت وزارة الداخلية عدد من الفيديوهات والصور لسجن بدر، لكن في زنازين آدمية تحتوي على أسرة وشاشة تلفاز، وتفاخرت بان هذا السجن هو مثال للمعايير العالمية، لكن خرجت التسريبات ومئات الشهادات من داخل هذا السجن لتؤكد أن بعض زنازينه هي أسوأ من سجن العقرب سيء السمعة.
وكانت المنظمة قد أشارت في وقت سابق أن هؤلاء المعتقلون ممنوعون من الزيارة في حبسهم الانفرادي منذ تاريخ اعتقالهم حيث لم يروا الشمس ولم يتمكنوا من مجرد مخاطبة شخص آخر لفترات متفاوتة وصلت إلى سبع سنوات لبعض المعتقلين، وبسبب منع الزيارة لا يصل إليهم إلا طعام السجن الذي سبق أن اشتكوا من قلته ورداءة نوعيته، بالإضافة إلى التعذيب النفسي الذي يمارس عليهم بصورة دفعت العديد منهم إلى محاولة الانتحار.
ولفتت المنظمة إلى تكرار الوفيات داخل السجون المصرية بشكل مثير للقلق بسبب الإهمال الطبي المتعمد الذي تتخذه السلطات وسيلة للانتقام من معارضيها وقتلهم بالبطيئ، كان آخرها وفاة المعتقلين أحمد مصيلحي في سجن جمصة، وعادل قاسم في سجن العاشر من رمضان خلال أقل من 24 ساعة قبل يومين قبل نشر تلك التسريبات.
افتتح سجن بدر في شهر ديسمبر لعام 2021، وشهد افتتاحه تغطية إعلامية واسعة من قبل الإعلام المصري التابع للدولة الذي روج لمجمع السجون الجديد على أنه “بداية جديدة” لتغيير استراتيجية مصر لحقوق الإنسان وأن السجناء سينتقلون إلى “مراكز تأهيل” ذات معايير عالمية.
إلا أنه وكالعادة ظلت الحقيقة بعيدة تمام البعد عن واقع السجناء الذين لم يتمتعوا بالحدود الدنيا للمعاملة الآدمية، وظل معظم قيادات الإخوان في الحبس الانفرادي ومنع الزيارات والحرمان من التريض بشكل كامل، على الرغم من عدم وجود عقوبة في قانون العقوبات المصري تسمى “الحبس الانفرادي” الذي هو في الأساس إجراء تأديبي داخل السجن للمعتقل الذي يخالف لوائح السجون فيعاقب به كقرار إداري لمدة أسبوع أو عشرة أيام على الأكثر، لكن النظام المصري يستخدمه كوسيلة تنكيل دائمة بالقيادات السياسية المعتقلة.
وقد استنفدت المنظمة كافة المفردات في إطلاق المناشدات للهيئات الحقوقية العالمية بممارسة أقصى وسائل الضغط القانوني والاقتصادي والسياسي على النظام المصري من أجل حل أزمة حقوق الإنسان والتوقف عن تمويله لأنه يعتمد الانتهاكات والتنكيل بالمعارضين كمنهجية أساسية منذ يوليو/ تموز 2013، إلا أن الهيئات العالمية والأنظمة السياسية المختلفة قد اختارت طواعية أن تتخلى عن مبادئ حقوق الإنسان في مصر مما أدى إلى تفاقم الأزمة ووصولها إلى الوضع الحالي.
وشددت المنظمة أنها لن تصمت إزاء ممارسات النظام المصري وستظل تقرع كافة الأبواب الحقوقية والقانونية والإعلامية والسياسية، وستستسمر في التنسيق مع الهيئات الحقوقية والشخصيات المؤثرة وصناع القرار والمدافعين عن حقوق الإنسان حول العالم، لكشف جرائم النظام المصري، والسعي بكل المسارات المتاحة للجم انتهاكاته بحق المعارضين عموما، والمعتقلين بشكل خاص.