في استمرار لممارسات الحبس الاحتياطي المطوّل وتدوير القضايا، قررت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بمركز إصلاح وتأهيل بدر، يوم الثلاثاء 22 أبريل/نيسان 2025، تجديد حبس ثلاثة معتقلين سياسيين، هم الصحافي خالد ممدوح محمد، والسياسي محمد القصاص، والناشط أحمد حمدي السيد سليمان المعروف بـ”جيكا”، لمدة 45 يوماً إضافية، دون إجراء تحقيقات جديدة، ودون تمكينهم من حق الدفاع عن النفس، في خرق صريح لمبادئ العدالة وضمانات المحاكمة العادلة.
واعتُقل الصحافي خالد ممدوح فجر 16 يوليو/تموز 2024 من منزله في منطقة المقطم، دون إذن قضائي، ليظل مختفياً قسرياً لمدة أسبوع، قبل أن يظهر في نيابة أمن الدولة العليا على ذمة القضية رقم 1282 لسنة 2024 حصر أمن دولة عليا. ووجهت له النيابة اتهامات تشمل “الانضمام إلى جماعة إرهابية”، و”تمويلها”، و”نشر أخبار كاذبة”، دون تقديم أدلة موثوقة.
وفي جلسة تجديد الحبس الأخيرة، لم يُمثّل خالد أمام المحكمة حضورياً، بل تم عرضه عبر تقنية “الفيديو كونفرانس” مع إغلاق الصوت، ومنعه من الحديث رغم طلبه ذلك مراراً، في خامس مرة يُمنع فيها من الحديث أمام جهة قضائية، ما يشكل انتهاكاً لحق الدفاع وخرقاً للمادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تنص على حق كل متهم في التحدث والدفاع عن نفسه مباشرة أو بواسطة محامٍ.
وفي الجلسة ذاتها، قررت المحكمة تجديد حبس محمد القصاص، نائب رئيس حزب “مصر القوية”، لمدة 45 يوماً على ذمة القضية رقم 786 لسنة 2020، وهي القضية الثالثة التي يُدوّر فيها منذ اعتقاله، ما يعكس سياسة متكررة تُستخدم في إبقاء المعارضين السياسيين رهن الاحتجاز المفتوح تحت مسمى “الحبس الاحتياطي”، دون تقديمهم لمحاكمات فعلية.
وكان القصاص قد أُدين سابقاً في قضية طوارئ بالسجن عشر سنوات، في محاكمة افتقدت لأبسط معايير العدالة، إذ لا يُسمح بالطعن على أحكام محاكم أمن الدولة طوارئ بعد تصديق الحاكم العسكري عليها.
من جهته؛ جرى تجديد حبس الناشط أحمد حمدي السيد سليمان، المعروف باسم “جيكا”، على ذمة القضية رقم 165 لسنة 2024 حصر أمن دولة عليا، دون أن تُجرى معه أي تحقيقات منذ مثوله أمام النيابة في 26 فبراير/شباط الماضي.
ويواجه “جيكا” نفس التهم المتكررة الموجهة للنشطاء السياسيين: “الانضمام إلى جماعة إرهابية” و”تمويلها”، وهي القضية الثالثة له بعد تدويره مرات سابقة.
وتستخدم السلطات المصرية قوانين الإرهاب والطوارئ لتقييد الحريات العامة واحتجاز المعارضين دون محاكمة، ما يمثل خرقاً للدستور المصري ذاته، الذي يضمن في مادته 54 عدم جواز الحبس إلا بأمر قضائي مسبب، كما يتعارض مع المواثيق الدولية التي صادقت عليها مصر، وعلى رأسها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
ويُعد الحبس الاحتياطي في مصر أداة عقابية، لا وسيلة تحقيق كما يُفترض قانوناً، وغالباً ما يتم تجديده تلقائياً دون تحقيقات جديدة، فيما تُحرم الضحايا من الحد الأدنى من الضمانات، مثل الحضور الفعلي أمام القاضي، وسماع دفاعهم، ومعرفة أدلة الاتهام.
وتأتي هذه القرارات في سياق واسع من تقييد العمل الصحافي والسياسي، وتجريم التعبير السلمي عن الرأي، وتدوير النشطاء داخل دوامة القضايا، بما يتناقض مع المعايير الدولية للمحاكمة العادلة، ويدق ناقوس الخطر بشأن مستقبل حرية التعبير والتعددية السياسية في مصر.