تعكس قضية المحامية والمدافعة عن حقوق الإنسان المصرية هدى عبدالمنعم، التي تواجه تدهورًا خطيرًا في حالتها الصحية داخل السجن، واقع الانتهاكات المستمرة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر.
وكشفت فدوى خالد، ابنة الحقوقية هدى عبدالمنعم، عن التدهور الكبير في الحالة الصحية لوالدتها خلال زيارتها الأخيرة لها، مشيرة إلى أن والدتها تعاني من ظروف صحية حرجة تفاقمت بعد إحالتها إلى المحاكمة الجنائية على خلفية اتهامات ذات طابع سياسي.
وناشدت ابنتها عبر منصات التواصل الاجتماعي السلطات بالإفراج الفوري عنها لدواعٍ إنسانية وصحية، قائلة: “كفاية كدة.. ماما في يناير هتتم 66 سنة! عايزين نلحق نعيش معاها شوية”.
وأحالت نيابة أمن الدولة العليا المصرية هدى عبدالمنعم وعلا القرضاوي، ابنة الداعية الراحل يوسف القرضاوي، بالإضافة إلى 100 متهم آخرين، إلى المحاكمة الجنائية ضمن القضية رقم 800 لسنة 2019. ووجهت النيابة إليهم تهمًا تتعلق بـ”الانضمام إلى جماعة إرهابية”، و”نشر أخبار كاذبة”، و”تمويل جماعة لتحقيق أغراضها”، وهي اتهامات متكررة جرى توجيهها في قضايا سابقة ضد حقوقيين وسياسيين، ليتسنى للنظام المصري التنكيل بهم.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه القضية هي الثالثة التي يتم فيها “تدوير” هدى عبد المنعم، حيث جرى اتهامها بنفس المزاعم في قضيتين سابقتين، رغم انتهاء مدة حبسها الاحتياطي القانونية، وهو ما يشكل انتهاكًا صارخًا لقواعد العدالة الجنائية والحق في التقاضي العادل.
وتتزامن معاناة هدى عبد المنعم مع ظروف احتجاز غير إنسانية، تتنافى مع المعايير الدولية لمعاملة السجناء، مثل القواعد النموذجية لمعاملة السجناء (قواعد نيلسون مانديلا)، التي تؤكد على ضمان الرعاية الصحية الملائمة للمحتجزين. كما أن استمرار حبسها الاحتياطي يشكل مخالفة للالتزامات الحقوقية التي تعهدت بها مصر أمام المجتمع الدولي.
وتأتي هذه القضية ضمن سياق من التضييق المستمر على الحريات العامة، والاستخدام المفرط للحبس الاحتياطي كأداة لقمع الأصوات المعارضة، في انتهاك واضح للمواثيق الدولية التي تكفل حرية التعبير والحق في المحاكمة العادلة.
وتمثل قضية هدى عبد المنعم نموذجاً صارخاً لانتهاكات الحق في المحاكمة العادلة وحرية التعبير في مصر، فيما يُعد تدوير القضايا إجراءً تعسفياً يُستخدم لإطالة أمد الاحتجاز دون محاكمة عادلة، في مخالفة صريحة للقانون المصري والدولي، ما يستوجب تدخل المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية المحلية والدولية، للضغط باتجاه إنهاء هذه الممارسات، والإفراج الفوري وغير المشروط عن هدى عبد المنعم وجميع المحتجزين تعسفياً، مع ضمان تقديم الرعاية الطبية اللازمة لهم ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات التي تعرضوا لها.