تواصل السلطات المصرية ما يُعرف بـ”تدوير القضايا” ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين، في إجراء يتعارض مع المبادئ القانونية الأساسية، ويهدف إلى إبقاء الأفراد قيد الاحتجاز لفترات غير محددة دون سند قانوني، ما يشكل انتهاكاً صارخاً لحقوقهم الأساسية.
وفي هذا السياق؛ أعلن خالد بدوي، زوج المحامية والحقوقية المصرية هدى عبد المنعم، أن السلطات المصرية استدعتها للتحقيق في قضية جديدة حملت رقم 800 لسنة 2019، على الرغم من قضائها عقوبة السجن خمس سنوات في القضية المعروفة إعلامياً بـ”التنسيقية المصرية للحقوق والحريات”، وانتهاء مدة عقوبتها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأشار بدوي في بيان نشره عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلى أن هذا الإجراء يمثل استمراراً لما يُعرف بـ”التدوير القضائي”، حيث يتم إعادة توجيه الاتهامات ذاتها في قضايا جديدة للحيلولة دون الإفراج عن المعتقلين.
وسبق أن خضعت “هدى” للتحقيق في قضية أخرى برقم 730 لسنة 2020 فور انتهاء عقوبتها الأولى، وهو ما وصفه حقوقيون بأنه تحايل على القانون المصري، الذي يمنع محاكمة الشخص على التهمة ذاتها مرتين.
واعتقلت المحامية هدى عبد المنعم (65 عاماً) المعروفة بدفاعها عن الحقوق والحريات منذ عقود، في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، وظلت رهن الإخفاء القسري لمدة 21 يوماً قبل أن تظهر في مقر احتجاز أمني بالقاهرة.
وخلال احتجازها؛ تعرضت “هدى” لانتهاكات عديدة شملت القيود على الزيارات، ومنع محاميها من الاطلاع على ملفها الطبي، والإهمال الطبي المتعمد رغم إصابتها بأمراض مزمنة وخطيرة، من بينها جلطة بالقدم، ومشاكل في الكلى، وأزمة قلبية.
وقد قضت محكمة أمن الدولة طوارئ في عام 2018 بسجنها خمس سنوات استناداً إلى اتهامات وُصفت من قبل خبراء حقوقيين دوليين بأنها “ذات طابع سياسي” وتفتقر إلى الأدلة الكافية. ورغم انقضاء مدة العقوبة، تفاجأت أسرتها بإعادة إدراجها في قضايا جديدة تستند إلى الاتهامات ذاتها، ما يفاقم من معاناتها الإنسانية والحقوقية.
وتمثل قضية هدى عبد المنعم نموذجاً صارخاً لانتهاكات الحق في المحاكمة العادلة وحرية التعبير في مصر، فيما يُعد تدوير القضايا إجراءً تعسفياً يُستخدم لإطالة أمد الاحتجاز دون محاكمة عادلة، في مخالفة صريحة للقانون المصري والدولي، ما يستوجب تدخل المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية المحلية والدولية، للضغط باتجاه إنهاء هذه الممارسات، والإفراج الفوري وغير المشروط عن هدى عبد المنعم وجميع المحتجزين تعسفياً، مع ضمان تقديم الرعاية الطبية اللازمة لهم ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات التي تعرضوا لها.