كشفت رسالة مسربة من داخل سجن “تأهيل 5” في مجمع سجون وادي النطرون عن انتهاكات خطيرة تهدد حياة السجناء السياسيين، حيث يعانون من الإهمال الطبي الممنهج، وسوء المعاملة، والحرمان من أبسط الحقوق الأساسية، وسط ظروف احتجاز غير إنسانية تتنافى مع القوانين المحلية والمعايير الدولية الخاصة بمعاملة السجناء.
وجاء في الرسالة أن المرضى وكبار السن داخل السجن يتعرضون لحرمان متعمد من الرعاية الطبية، وهو ما أدى إلى تفاقم أوضاعهم الصحية، حيث فقد بعضهم البصر نتيجة عمليات جراحية غير مكتملة، في حين تُرك المصابون بأمراض مزمنة، مثل السرطان، دون أي رعاية طبية أو حتى السماح لهم بالوصول إلى عيادة السجن.
ويُعَدّ هذا الحرمان المتعمد من العلاج انتهاكًا خطيرًا يرتقي إلى مستوى المعاملة القاسية وغير الإنسانية، بل قد يصل إلى حد “القتل البطيء” وفقًا للمعايير القانونية الدولية.
وأشارت الرسالة إلى فرض قيود صارمة وغير قانونية على زيارة المعتقلين، إذ جرى تقليص المدة القانونية للزيارة من ساعة كاملة إلى 15 دقيقة فقط، كما يُجبر السجناء على التحدث مع ذويهم من داخل كبائن مغلقة تفصلها حواجز زجاجية، وهو ما يحرمهم من التواصل المباشر مع عائلاتهم.
ويشكل ذلك انتهاكًا إضافيًا للحقوق المكفولة لهم، وفقًا للوائح السجون المصرية التي تنص على ضرورة إجراء الزيارة من دون حواجز وضمن مدة زمنية كافية.
وتطرقت الرسالة المسرّبة إلى الأوضاع القاسية التي يعيشها المعتقلون، ومن أبرزها منعهم من الحصول على وسائل التدفئة والاحتياجات الشتوية، حيث يُمنع السجناء من استلام ملابس شتوية أو أغطية كافية، كما يحظر عليهم استخدام أي وسيلة لمواجهة البرد القارس، ما يعرض حياتهم للخطر، خصوصًا مع تدني درجات الحرارة داخل الزنازين.
كما كشفت الرسالة عن التضييق على حق المعتقلين في التريّض، إذ لا يُسمح لهم بالخروج إلى ساحة السجن إلا يومين في الأسبوع ولمدة ساعتين فقط، وخلال هذا الوقت يُجبرون على ارتداء الأصفاد في أيديهم، في مخالفة صريحة للمعايير الدولية التي تضمن للسجناء حق التريّض بحرية.
واشتكى السجناء كذلك من منعهم من ممارسة أي نشاط تعليمي أو ثقافي، إذ تحظر إدارة السجن إدخال الكتب أو الأوراق أو الأقلام إليهم، وهو ما يشكل انتهاكًا واضحًا لحقوقهم في التعلم والتعبير التي يكفلها الدستور المصري والاتفاقيات الدولية.
إضافة إلى ذلك؛ ذكرت الرسالة أن السجناء الذين يحاولون الاعتراض على هذه الانتهاكات أو المطالبة بحقوقهم يتعرضون لعقوبات تأديبية تعسفية، حيث يتم نقلهم إلى زنازين العقاب الانفرادية، في محاولة لإسكاتهم وردع أي احتجاج سلمي على ظروف احتجازهم القاسية.
وفي ظل هذه الانتهاكات الجسيمة؛ يتوجب فتح تحقيق فوري ومستقل في أوضاع المحتجزين داخل سجن وادي النطرون، وضمان محاسبة المسؤولين عن التجاوزات الموثقة، إضافة إلى العمل على تحسين ظروف الاحتجاز، وضمان تقديم الرعاية الطبية اللازمة للمعتقلين، وإنهاء الإجراءات القمعية مثل العزل التعسفي والحرمان من العلاج والزيارة.
وتشكل هذه الانتهاكات تهديدًا خطيرًا لحياة المعتقلين السياسيين في مصر، ما يستدعي تحركًا عاجلًا من الجهات المختصة لإنقاذهم من المصير المظلم الذي يواجهونه داخل سجن وادي النطرون، حيث يتم تجريدهم من أبسط حقوقهم الإنسانية في ظروف احتجاز غير إنسانية ومنافية للعدالة.