بعد خمس سنوات من الغياب الكامل عن أي جهة قضائية، ظهر المواطن المصري علي فتحي علي تهامي أمام نيابة أمن الدولة العليا خلال الساعات الماضية، في أول إقرار رسمي بوجوده منذ اعتقاله عام 2020.
وقد أمرت النيابة بحبس تهامي 15 يوماً على ذمة التحقيقات، بينما بدا واضحاً على وجهه الارتباك والذهول، إذ أكد خلال الجلسة عدم قدرته على تذكّر أي وسيلة تواصل مع أسرته نتيجة “التأثير النفسي البالغ” لسنوات احتجازه خارج إطار القانون. فيما تمكّن فريق الدفاع من إعادة التواصل مع أسرته وإبلاغها بظهوره بعد انقطاع تام للأخبار عنه طوال السنوات الماضية.
ويكشف هذا الظهور المتأخر عن ثغرات خطيرة في آليات حماية المحتجزين، إذ إن بقاء شخص قيد الاحتجاز دون عرضه على جهة تحقيق مختصة لفترة طويلة يُعدّ مساساً جوهرياً بمبدأ عدم جواز تقييد الحرية دون سند قانوني. كما يعكس ما يترتب على الإخفاء القسري من آثار تمسّ الحقوق الأساسية للإنسان، بدءاً من حقه في الأمان الشخصي ووصولاً إلى حقه في التواصل مع ذويه وتوكيل محامٍ.
وخلال جلسة التحقيق؛ طلب فريق الدفاع إثبات ما ظهر على موكلهم من مؤشرات توحي بتعرّضه لمعاناة بدنية ونفسية، مؤكدين ضرورة عرضه العاجل على لجنة طبية مستقلة. وتأتي أهمية هذا الطلب في إطار الالتزام القانوني بضمان سلامة المحتجزين، لا سيما عند وجود ادعاءات أو مؤشرات على إمكانية وقوع معاملة قاسية أو ظروف احتجاز غير إنسانية.
وتبرز الواقعة أيضاً الحاجة إلى تحقيق شامل حول ظروف احتجازه خلال السنوات الماضية، وتحديد الجهة التي كانت مسؤولة عنه، وما إذا كانت قد تم مراعاة الحد الأدنى من الضمانات المقررة للحرية الشخصية. فظهور محتجز بعد سنوات من الانقطاع الكامل يعيد طرح سؤال أساسي حول قدرة النظام القانوني على توفير الحماية الفعلية لكل من يُحرم من حريته.
ويُعدّ ظهور تهامي أحد أبرز الحالات التي كُشف عنها هذا العام نظراً لطول مدة اختفائه والملابسات التي تحيط بوضعه الصحي والنفسي، وهو ما يستوجب متابعة حالته عن كثب وضمان حصوله على كامل حقوقه المكفولة بموجب الدستور والقانون، إضافة إلى توثيق واقعة الإخفاء القسري باعتبارها مسألة تستوجب المراجعة والمساءلة وإعادة تقييم آليات الاحتجاز والرقابة.





























