وسط ظروف احتجاز قاسية تفتقر إلى أبسط مقومات العدالة والكرامة؛ توفي الدكتور محمد سالم غنيم، أستاذ علم المكتبات ونظم المعلومات بكلية الآداب في جامعة القاهرة، داخل محبسه بعد أربع سنوات من الحبس التعسفي دون توجيه أي تهمة أو إحالته إلى محاكمة.
ويُنظر للدكتور غنيم على أنه شخصية أكاديمية مرموقة، وله إسهامات علمية بارزة في مجاله، وكان له دور مهم في تخريج أجيال من الطلاب والباحثين. ومع ذلك؛ قضى سنواته الأخيرة في السجن دون محاكمة، في عزلة عن الحياة العامة والأكاديمية، ووسط تدهور في حالته الصحية نتيجة الإهمال الطبي ونقص الرعاية داخل السجون.
وتثير وفاة غنيم داخل السجن، في ظروف احتجاز توصف بأنها غير إنسانية، تساؤلات جدية حول ممارسات الحبس الاحتياطي في مصر، التي تحوّلت في كثير من الحالات إلى أداة للعقاب المفتوح دون حكم قضائي.
ويُحرم العديد من المحتجزين من حقوقهم الأساسية، مثل التواصل مع محاميهم، والحصول على علاج مناسب، والتمتع ببيئة صحية تحفظ حياتهم وكرامتهم.
وينص القانون الدولي لحقوق الإنسان على أن الحبس الاحتياطي يجب أن يكون استثناءً لا قاعدة، وأن يُستخدم فقط عند الضرورة القصوى ولأقصر مدة ممكنة، مع إخضاعه لمراجعة قضائية مستمرة.
كما تفرض المعايير الدولية – كقواعد نيلسون مانديلا لمعاملة السجناء – التزاماً بضمان الرعاية الصحية للمحتجزين، وعدم تعريضهم للمعاملة اللاإنسانية أو المهملة.
وتندرج وفاة الدكتور غنيم ضمن نمط مقلق من الوفيات داخل أماكن الاحتجاز في مصر، نتيجة الإهمال الطبي والتعسف في استخدام سلطة الحبس.
وتستلزم هذه الوقائع فتح تحقيق شفاف وشامل في أسباب الوفاة، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات التي أدت إليها، مع إعادة النظر الجذرية في سياسات الاحتجاز والمحاسبة.