مع استمرار الأوضاع القاسية في السجون المصرية، والتي تتنافى مع أبسط معايير الاحتجاز الإنساني؛ توفي الطبيب والبرلماني المصري السابق علاء الدين العزب (60 عاماً) داخل محبسه في سجن بدر 3 شرقي القاهرة، بعد أكثر من 12 عاماً من الاحتجاز.
واعتقل العزب، الذي كان نائباً عن دائرة زفتى بمحافظة الغربية في أول برلمان بعد ثورة 25 يناير 2011، عقب الانقلاب على الرئيس الراحل محمد مرسي، وظل يخضع لمحاكمات جماعية أفضت إلى أحكام بالسجن المؤبد بتهم تتعلق بالانتماء السياسي والتحريض على النظام القائم.
وخلال فترة احتجازه الطويلة؛ عانى العزب من العزلة الانفرادية وحرمان الزيارة والرعاية الصحية الأساسية، وفق إفادات أسرته التي طالبت مراراً بنقله إلى مستشفى خارجي دون استجابة من السلطات.
وتوفى العزب، بحسب أسرته، بعد تدهور حالته الصحية نتيجة سياسة ممنهجة تعتمد على الحرمان الطبي كأداة عقابية داخل السجون المصرية، حيث يُمنع المعتقلون السياسيون من الدواء أو الفحوص الدورية، ولا يُسمح لهم بالتحويل إلى المستشفيات المتخصصة إلا في حالات نادرة ومتأخرة.
وتعيد هذه الحادثة تسليط الضوء على ملف الوفيات داخل السجون المصرية، والتي تزايدت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، خصوصاً في مجمع سجون بدر الذي أصبح رمزاً لسياسات العزل والتجويع وقطع التواصل بين المعتقلين والعالم الخارجي.
وتشكل وفاة العزب نتيجة الإهمال الطبي انتهاكاً صارخاً للمادة (55) من الدستور المصري التي تحظر إيذاء المحتجزين بدنياً أو معنوياً، وتُلزم الدولة بتوفير الرعاية الصحية لهم، كما تمثل خرقاً واضحاً لـقواعد نيلسون مانديلا التي تحدد الحد الأدنى لمعاملة السجناء، بما في ذلك حقهم في الرعاية الطبية المكافئة لما هو متاح في المجتمع خارج السجون.
كما أن استمرار حرمان السجناء السياسيين من العلاج والرعاية يمثل مسؤولية قانونية مباشرة على إدارة مصلحة السجون والسلطات التنفيذية، التي تظل ملزمة بضمان سلامة حياة المحتجزين، كونهم في عهدتها وتحت إشرافها الكامل.
وتستوجب وفاة العزب وغيره من المعتقلين، المسارعة إلى فتح تحقيق مستقل في ظروف وفاتهم، وتمكين جهات محايدة من زيارة السجون المصرية وتقييم أوضاعها الإنسانية والطبية.
وتبقى وفاة علاء الدين العزب حلقة جديدة في سلسلة طويلة من الوفيات داخل السجون المصرية، التي تحولت إلى مؤشر صارخ على التدهور الحقوقي المستمر، وتذكيراً مؤلماً بثمن الصمت إزاء معاناة تمتد خلف الجدران المغلقة.




























