توفي الشاب حازم فتحي داخل محبسه في قسم شرطة نجع حمادي بمحافظة قنا، بعد خمسة أشهر من الحبس الاحتياطي على خلفية اتهامه بالاعتداء على رئيس مباحث مركز شرطة أبو تشت، الضابط محمد الملقب، نجل اللواء المتقاعد أحمد الملقب.
وبدأت القضية التي أثارت جدلاً واسعاً في الشارع المصري، في آذار/مارس الماضي، حين ألقي القبض على فتحي وأحد العاملين في متجر بمحافظة قنا، بعد مشادة مع الضابط انتهت باشتباك بالأيدي وركلات، ليصدر قرار النيابة بحبسهما احتياطياً لمدة 15 يوماً قابلة للتجديد.
وبحسب روايات محلية، كان الشاب الراحل يتمتع بسمعة طيبة بين أهالي مدينة نجع حمادي، حيث كان يملك متجراً صغيراً لبيع السلع الغذائية. وأفاد أحد الشهود أن وفاته وقعت “لأسباب غير معلومة” داخل محبسه، بعد أن وجهت له تهمة محاولة قتل ضابط الشرطة، الذي هدده بالقول: “مش هتطلع من هنا حي”، وسط شكوك بمقتله تحت التعذيب.
وفي المقابل؛ أظهرت مقاطع فيديو متداولة على مواقع التواصل تفاصيل الحادثة داخل المتجر، حيث بدا الضابط الملقب وهو يطلب عدداً من السلع الغذائية دون دفع ثمنها، ثم يعتدي بالضرب على عامل بالمكان. كما أظهر مقطع آخر محاولته تحطيم كاميرا مراقبة قفزاً فوق الثلاجات، وإلقاء البضائع من على الرفوف، بعد أن رفض صاحب المتجر منحه السلع مجاناً.
من جهتها؛ بررت وزارة الداخلية الحادثة بالقول إن الضابط تدخل بعدما اعترض على أسعار بعض السلع، من دون أن يكشف هويته. ويعود الضابط إلى عائلة نافذة في المنطقة، حيث شغل والده مناصب أمنية بارزة كمدير لأمن عدد من محافظات الصعيد.
وتعيد وفاة حازم فتحي تعيد إلى الواجهة ملف الانتهاكات داخل أماكن الاحتجاز في مصر، حيث يُستخدم الحبس الاحتياطي كسلاح للعقاب لا كإجراء قضائي استثنائي، وغالباً ما يُمدد لمدد طويلة من دون محاكمة عادلة. كما أن السجون وأقسام الشرطة تعاني من غياب معايير السلامة والرعاية الصحية، وهو ما يجعل المحتجزين عرضة للموت نتيجة الإهمال الطبي أو ظروف الاحتجاز القاسية.
ويعكس الإفراط في استخدام القوة من قبل رجال الشرطة، خصوصاً في المناطق الريفية والصعيد، خللاً في منظومة المساءلة، إذ يُنظر إلى الضباط المنتمين لعائلات نافذة على أنهم في موقع حصانة غير مكتوبة، ما يفتح الباب أمام استغلال النفوذ وانتهاك حقوق المواطنين.
وتضاف هذه الواقعة إلى سلسلة وفيات داخل السجون وأماكن الاحتجاز في مصر خلال السنوات الأخيرة، وهو ما يطرح أسئلة حول غياب الرقابة القضائية الفعالة وضمانات عدم التعرض للتعذيب أو المعاملة المهينة، التي يكفلها القانون المصري والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.