في واقعة جديدة تعكس حجم الانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون في مصر؛ توفي المحاسب محرم فؤاد علي عزب (50 عاماً)، بعد ساعات من اعتقاله من منزله بحي البساتين في القاهرة.
وعزب هو صاحب مصنع رخام في منطقة شق الثعبان، ومن أصول ريفية تعود إلى قرية دمنهور الوحش بمركز زفتى في محافظة الغربية، اعتقل مساء الأربعاء 19 أغسطس من منزله، قبل أن يُعلن عن وفاته في اليوم التالي، الخميس 20 أغسطس.
وقد تسلم ذوو عزب جثمانه فجراً في نحو الثانية والنصف صباحاً، وسط إجراءات مشددة، ودون السماح بإقامة صلاة جنازة أو إعلان في المساجد، واقتصر تشييعه على أسرته فقط.
وكان الفقيد معروفاً بين أبناء قريته بحسن سمعته وطيب علاقاته، وترك خلفه ابناً وابنة يدرسان في الجامعة. وغادر قريته عقب أحداث عام 2013، ليستقر في القاهرة حيث عمل في مجاله.
وتأتي وفاة عزب في سياق مقلق من الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها السلطات المصرية بحق المعتقلين، بدءاً من الاعتقال التعسفي والاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، مروراً بحرمانهم من الضمانات القانونية الأساسية، وصولاً إلى الوفاة الغامضة داخل مقار الاحتجاز أو عقب ساعات من الاعتقال كما في هذه الحالة.
ويكشف تسليم الجثمان ليلاً ومنع إقامة الجنازة العلنية أو الإعلان عنها في المساجد، عن سياسة ممنهجة للتعتيم، ويثير تساؤلات حول ظروف الوفاة، خصوصاً أن مصر تشهد منذ سنوات تزايداً ملحوظاً في حالات الوفاة داخل السجون وأماكن الاحتجاز، سواء نتيجة الإهمال الطبي أو ظروف الاعتقال القاسية أو سوء المعاملة.
إن وفاة محرم عزب ليست حادثاً فردياً معزولاً، بل هي حلقة جديدة في سلسلة ممتدة من الانتهاكات التي تؤكد تدهور أوضاع حقوق الإنسان في مصر، حيث باتت حياة المعتقلين مهددة منذ لحظة اعتقالهم وحتى لحظة وفاتهم، في ظل غياب المساءلة والمحاسبة.