في تصاعد مقلق لانتهاكات حقوق الإنسان في مصر؛ تتوالى الحوادث التي تسلط الضوء على ممارسات الإخفاء القسري، والاعتقالات التعسفية، والانتهاكات داخل أماكن الاحتجاز، والتي تمثل خرقًا صارخًا للمعايير القانونية المحلية والدولية.
وتتعدد الحوادث من وفاة معتقلين تحت ظروف غامضة، إلى حملات اعتقال تطال الشبان والشابات دون سند قانوني، وتبرز معاناة آلاف الأسر التي تفتقد الشفافية والعدالة.
وفاة معتقل في مقر احتجاز غير رسمي
وفي هذا الإطار؛ توفي المهندس محمد عز الدين الشال (58 عامًا) داخل مقر الأمن الوطني بمحافظة الشرقية بعد ثلاثة أيام فقط من اعتقاله دون مسوغ قانوني.
واعتقل الشال من منزله بمركز ههيا، ليحتجز في مكان غير رسمي يُعرف بـ”ثلاجة الأمن الوطني”، حيث تعرض لظروف احتجاز قاسية، وظهرت عليه علامات الإرهاق الشديد خلال عرضه على النيابة.
وبعد ساعات قليلة؛ أعلن عن وفاته في ظروف غامضة، بينما امتنعت السلطات عن فتح تحقيق جاد في الواقعة أو الكشف عن أسباب الوفاة.
والشال هو المعتقل الثالث الذي يُعلن عن وفاته في ظروف مشابهة خلال يومين، حيث توفي السجين السياسي فضل سليم محمود داخل محبسه في سجن المنيا، فيما تحدث جهات حقوقية عن وفاة معتقل ثالث في سجن بدر، ولم تعرف معلومات عن هويته حتى الآن.
اعتقالات وإخفاء قسري مستمر
وتزامنًا مع وفاة الشال؛ أصدرت نيابة أمن الدولة العليا قرارًا بحبس 25 شابًا، أحدهم مسيحي، بعد ظهورهم في النيابة عقب فترات متفاوتة من الإخفاء القسري.
ووجهت إليهم تهم تشمل “الانضمام إلى جماعة إرهابية”، و”بث أخبار كاذبة”، و”إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي”، وهي تهم درج النظام على فبركتها وتوجيهها لمنتقديه، ليتسنى له التنكيل بهم.
ومن بين المعتقلين نشطاء بارزون، مثل إبراهيم الحفيان، وأحمد يوسف سليمان، وديفيد ماهر ذكي الذي وجهت إليه تهمة “الانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين”، رغم كونه مسيحيًا، في تناقض يكشف هشاشة الاتهامات الموجهة للمعتقلين.
وكانت عائلات هؤلاء الشبان قد تقدمت ببلاغات إلى النائب العام تفيد بإخفائهم قسريًا، إلا أن السلطات لم تستجب حتى ظهورهم فجأة في مقر نيابة أمن الدولة.
إخفاء قسري لشابتين في المنصورة
على صعيد آخر؛ تواجه الشابتان سلمى عبد المجيد عبد الله وشيماء طه عبد الحميد مرسي إخفاءً قسريًا منذ اعتقالهما من منزليهما في المنصورة قبل شهر.
جاء ذلك بعد اقتحام قوات الأمن منازلهما بطريقة عنيفة، شملت الاعتداء الجسدي واللفظي وتخريب الممتلكات.
سلمى، وهي طبيبة صيدلانية (28 عامًا)، وشيماء، خريجة علوم (29 عامًا)، لم يتم عرضهما على أي جهة تحقيق حتى الآن، وما زالت أماكن احتجازهما مجهولة.
وسبق للشابتين أن احتجزتا بشكل تعسفي عام 2014 قبل إطلاق سراحهما، بينما يعاني أفراد أسرتهما من أحكام سياسية قاسية تراكمت على مدى سنوات.
وتتوالى هذه الانتهاكات التي تتعارض مع التزامات مصر الدولية تجاه حقوق الإنسان، في ظل غياب أي مساءلة قانونية أو شفافية، مما يضع مصر أمام أزمة حقوقية كبرى تستدعي تدخلًا عاجلًا لوضع حد لهذه الممارسات، وفتح تحقيقات مستقلة وشفافة لضمان عدم إفلات المسؤولين عنها من العقاب. كما يجب على المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية مواصلة الضغط لضمان حماية حقوق الإنسان في البلاد.