يواصل 30 سجيناً سياسياً في سجن “بدر3” شرق القاهرة، إضرابهم المفتوح عن الطعام، احتجاجاً على ظروف الاحتجاز القاسية، التي لا تمتّ لأي معايير قانونية أو إنسانية بصلة.
ويشمل الإضراب الذي بدأ منذ 20 يونيو/حزيران الماضي، ويشمل أغلبه معتقلين من كبار المسؤولين السابقين وأعضاء في هيئات معارضة للنظام، من بينهم: رفاعة الطهطاوي، حسن مالك، محمد البلتاجي، صفوت حجازي، أسامة ياسين، أسامة مرسي، وآخرون ممن قضوا سنوات طويلة في السجن دون محاكمة عادلة أو إجراءات قانونية منصفة.
ويقبع جميعهم في “قطاع 2” داخل السجن نفسه، والذي يُوصف من قبل معتقلين سابقين بأنه “عنبر الموت”، نظراً لما يشهده من حرمان شبه كامل من مقومات الحياة الأساسية، وتضييق شديد على التواصل الإنساني، وانعدام الرعاية الصحية، وغياب ضوء الشمس.
وفي رسالة مسرّبة؛ كتب السجين حسن البرنس، نائب محافظ الإسكندرية السابق، وصية مؤثرة تحدث فيها عن واقع الموت البطيء داخل الزنازين الحديدية.
وجاء في وصية البرنس: “قدّمت روحي لله تعالى من أجل إسقاط منظومة الظلم التي يديرها الأمن الوطني… لا نُمنح زيارة أو غذاء من الأهل، لا نرى الشمس، لا نملك حتى حق صلاة الجمعة… هذه ليست حياة، بل مقبرة باردة لعزل الأحرار عن الحياة”.
وتحدث البرنس عن حرمانٍ ممنهج من أبسط الحقوق، منها الحق في الزيارة والتريض والاطلاع على الأخبار، مشيراً إلى تدخل الأجهزة الأمنية في عرقلة أي وسيلة للتواصل مع العالم الخارجي، بما في ذلك الرسائل العائلية.
وليست هذه أول موجة احتجاج داخل “بدر3″، حيث شهد السجن خلال العامين الأخيرين تكراراً لمحاولات الانتحار، كوسيلة يائسة للفت الأنظار إلى الانتهاكات.
ففي 12 يوليو/تموز الجاري، أقدم السجين رضا السيد أبو الغيط على محاولة انتحار داخل قاعة المحكمة أمام القاضي، في خطوة تعكس حجم المعاناة النفسية. وقد مُنع أبو الغيط من الزيارات العائلية لفترات طويلة، مثل مئات غيره.
وتشير معلومات موثقة إلى محاولات انتحار جماعية حدثت سابقاً، أبرزها في فبراير ومارس 2023، شملت قرابة 60 سجيناً، احتجاجاً على ظروف الحبس القاسية، والعزل التام، وحرمانهم من أبسط أشكال التفاعل الإنساني.
وفي ظل هذا الواقع؛ تبقى صرخات هؤلاء المعتقلين محاولة أخيرة لفضح ما يجري خلف الجدران السميكة، ولحثّ الضمير العام على التدخل ولو بالكلمة، في وجه ما يصفه السجناء أنفسهم بأنه “مقبرة للأحياء”.