تعرف المجتمعات نوع واحد من المقابر هو المكان الذي يدفن فيه الأموات وفق مراسم مهيبة، أما في مصر فهناك نوعان من المقابر، مقبرة للأموات ومقبرة للأحياء متمثلة في السجون ومقرات الإحتجاز الرسمية والسرية المنتشرة في طول البلاد وعرضها.
تعرف المجتمعات نوع واحد من المقابر هو المكان الذي يدفن فيه الأموات وفق مراسم مهيبة، أما في مصر فهناك نوعان من المقابر، مقبرة للأموات ومقبرة للأحياء متمثلة في السجون ومقرات الإحتجاز الرسمية والسرية المنتشرة في طول البلاد وعرضها.
من مقرات التحقيق حيث الجحيم على شكل وجبات متنوعة من التعذيب صعق بالكهرباء وتعليق وضرب مبرح واغتصاب وتهديد بالاغتصاب، إلى مقرات التوقيف بانتظار المحاكمة حيث التكدس وانعدام التهوية والإهمال الطبي والتعذيب الجسدي والنفسي، أصبح بالكاد يمر شهر دون أن تنبش هذه المقابر لتخرج جنازات مواطنين من الشباب والشيوخ.
قبل عامين في أغسطس/آب 2013 شهدت السجون المصرية أكبر عملية قتل جماعي لمحتجزين معارضين للسلطات المصرية داخل سيارة ترحيلات في منطقة سجون أبي زعبل، حيث تعرض 37 محتجزاً للموت بإلقاء غاز مسيل للدموع داخل السيارة فقضوا اختناقا بعد تركهم لمدة تزيد عن ست ساعات يصارعون الموت في سيارة لا تتسع لثلث عددهم في طقس حار وغاز سام دون أية تهوية.
كانت هذه الجريمة العمدية إيذاناً بتوسع السلطات في عمليات قتل عمد يتعرض لها المحتجزون إما تحت وطأة التعذيب أو الإختناق بسبب التكدس داخل زنازين ضيقة رديئة أو منعدمة التهوية، أو بتعمد إهمال تقديم الرعاية الطبية للمحتجزين المرضى وحرمانهم من حقهم الطبيعي في العلاج أو الإفراج الصحي وفق ما ينص عليه القانون، هذا خلاف من يتعرض للموت من المعتقلين الجنائيين بسبب تناول جرعات زائدة من المخدرات أو من يلقى منهم حتفة في مشاجرة طعنا أو شنقا في ظل غياب كامل لأي دور رقابي لإدارات مقار الإحتجاز.
الأوضاع المزرية للسجون المصرية لم تمنع السلطات المصرية من الإستمرار في عمليات الإعتقال التعسفي لآلاف المعارضين والتوسع في قرارات الحبس الإحتياطي دون مبرر لتتضاعف معاناة المحتجزين جراء عدم تحمل السجون المصرية للزيادة الكبيرة في أعداد المحتجزين.
الأخطار الناجمة عن التكدس ورداءه التهوية والتلوث والفساد التي تعاني منه السجون ومقار الإحتجاز المصرية تتضاعف مع ارتفاع درجات الحرارة خلال أشهر الصيف وأشدها أغسطس/ آب الذي وصلت الحرارة فيه هذا العام إلى 42 درجة مئوية، حيث توفي خلال شهر أغسطس/آب 2015 عدد 40 محتجزاً ليكون هذا الشهر الأكثر حصداً لأرواح المحتجزين منذ الثالث يوليو/تموز 2013.
وزارة الداخلية المصرية في سبيلها لتعزيز الإفلات من العقاب وبالاستعانة بتقارير مفبركة قام بها المجلس القومي لحقوق الإنسان نفت أن يكون لها أية علاقة بأعداد الوفيات التي تزايدت مؤخرا ونفت نهائيا أي وجود لتكدس أو إهمال الطبي او تعذيب داخل مقار الاحتجاز وهي مزاعم تكذبها عشرات الجنازات التي تخرج من السجون ومقار الإحتجاز المصرية شهرياً للأسباب المذكورة، بالإضافة إلى عشرات البلاغات التي تهمل ولا يفتح بها تحقيق، إضافة إلى عشرات الشكاوى والطلبات المقدمة للنائب العام للإفراج عن معتقلين مهددين بالموت حتى يُمكن ذووهم من تداركهم بالعلاج على نفقتهم الخاصة.