كشفت صحيفة “هآرتس” العبرية عن مقتل أسير فلسطيني من قطاع غزة، يبلغ من العمر 40 عاماً، داخل مركز تحقيق يتبع لجهاز الأمن الداخلي للاحتلال (الشاباك)، في حادثة وقعت في يناير/كانون الثاني 2024، وأحيطت بسرية تامة من قبل سلطات الاحتلال.
ووفق المعلومات المنشورة؛ فقد فارق الأسير الحياة بعد سقوطه من علو وهو مقيد اليدين، في ظروف وُصفت بالغامضة. ورغم معرفة جهاز الشاباك بهويته، تم نقل جثمانه دون بيانات تعريفية، وتسجيله كـ”مجهول الهوية”، ما يثير شبهة إخفاء معالم القضية.
وأشارت التقارير الطبية إلى أن الوفاة تتوافق مع السقوط من ارتفاع كبير، كما تم توثيق علامات واضحة لتقييد اليدين لفترة زمنية طويلة. ومع ذلك؛ أعلنت وزارة القضاء التابعة للاحتلال انتهاء التحقيق دون العثور على “شبهات جنائية” رغم أن الوفاة وقعت أثناء احتجاز الأسير بعهدة الدولة، وهو ما يعد – وفق المبادئ القانونية الدولية – مسؤولية مباشرة على الجهة الحاجزة.
الحادثة ليست معزولة، إذ سُجلت منذ بدء الحرب الأخيرة على غزة ست وفيات على الأقل لفلسطينيين أثناء استجوابهم لدى الشاباك، في ظل تصاعد التقارير عن انتهاكات جسيمة بحق الأسرى، تشمل التعذيب الجسدي والنفسي، والإهمال الطبي، والحرمان من الغذاء والرعاية الصحية، والعزل الانفرادي لفترات طويلة.
وتستخدم سلطات الاحتلال توصيف “المقاتل غير الشرعي” على ما يقارب 1747 أسيراً من غزة، وهو توصيف يُلغي عملياً الكثير من الحقوق التي تكفلها القوانين الدولية، ويتيح احتجازهم في معسكرات عسكرية مغلقة خارج أي إشراف قضائي أو رقابة مستقلة.
وتمثل هذه الممارسات انتهاكاً صارخاً للمادة (3) المشتركة في اتفاقيات جنيف، التي تحظر المعاملة القاسية والمهينة، وتُلزم الأطراف بحماية أرواح وكرامة المحتجزين. كما أن تكرار حالات الوفاة أثناء الاحتجاز، في ظل غياب التحقيقات الجدية والمساءلة، قد يرقى إلى مصاف جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية، خاصة إذا ثبت أن هذه الانتهاكات تتم في إطار سياسة ممنهجة.
إحصائياً؛ وصل عدد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال حتى مطلع يوليو/تموز 2024 إلى نحو 10,800 أسير، من بينهم 49 امرأة و450 طفلاً، وهو أعلى رقم منذ انتفاضة الأقصى عام 2000، ما يعكس حجم التصعيد الأمني والسياسي، ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية قانونية وأخلاقية ملحة للتحرك لوضع حد لهذه الانتهاكات الخطيرة.