في جريمة جديدة تندرج ضمن سياق أوسع من الانتهاكات الجسيمة ضد الصحفيين الفلسطينيين؛ قُتل الصحفي صالح الجعفراوي مساء الأحد في حي الصبرة بمدينة غزة، على يد مليشيات مسلحة مدعومة من الاحتلال الإسرائيلي.
وتأتي هذه الجريمة في ظل حرب الإبادة التي يشنّها الاحتلال منذ أكثر من عام على قطاع غزة، والتي أودت بحياة 254 صحفيا حتى الآن، في واحدة من أكثر الحملات دموية ضد الصحافة في التاريخ الحديث.
وذكرت قناة الأقصى أن الجعفراوي لقي حتفه خلال تغطيته عودة المواطنين إلى مدينة غزة، بعد نزوح قسري طويل فرضته هجمات الاحتلال، مؤكدة أن العصابات المسلحة أطلقت النار عليه بشكل مباشر أثناء قيامه بعمله الصحفي.
وتأتي هذه الجريمة وسط تحذيرات من تنامي ظاهرة المليشيات الخارجة عن القانون التي تتلقى دعما وتسليحا غير مباشر من الاحتلال، بهدف ضرب النسيج الاجتماعي الفلسطيني وإشاعة الفوضى الأمنية داخل القطاع المنكوب.
واستغلت هذه العصابات الانهيار الإنساني والأمني الناجم عن العدوان، لممارسة أعمال سطو وتعدٍ على الممتلكات والمساعدات الإنسانية، في ظل انشغال السلطات المحلية بمواجهة الكارثة المستمرة.
ولا يمكن فصل استهداف الجعفراوي عن سياسة الاحتلال الممنهجة لإسكات الأصوات الإعلامية الفلسطينية، سواء عبر القصف المباشر لمكاتب الإعلام والمؤسسات الصحفية، أو عبر تحريك مليشيات محلية تعمل في خدمة أجندته. وبهذا المعنى؛ فإن مقتل الجعفراوي يُعد امتداداً لجريمة الإبادة الجماعية ضد الصحفيين، التي تهدف إلى طمس الحقيقة وتصفية الشهود على الجرائم المرتكبة بحق المدنيين في غزة.
ومن الناحية القانونية؛ تُعد هذه الجريمة انتهاكاً صارخاً لاتفاقيات جنيف التي تحمي المدنيين والعاملين في الميدان الصحفي أثناء النزاعات المسلحة، كما تشكّل جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الذي يُجرّم استهداف الصحفيين أو استخدام وكلاء محليين لتنفيذ أعمال قتل ممنهجة ضدهم.
إن مقتل الجعفراوي لا يُعد حادثاً معزولاً، بل حلقة جديدة في سلسلة طويلة من الجرائم التي تستهدف الكلمة الحرة في فلسطين، وتؤكد أن العدوان على غزة لم يكن فقط حرباً عسكرية، بل حرباً على الوعي والذاكرة والرواية الفلسطينية.