تقدمت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا اليوم 08 ديسمبر/كانون الأول 2022 عبر فريق قانوني يقوده البرفسور وليام شاباس بشكوى إلى المحكمة الجنائية الدولية حول الإعتداءات المنهجية على المسجد الأقصى التي يقودها سياسيون وعسكريون ومستوطنون في مسعى واضح لفرض واقع جديد تمهيدًا لبناء ما يسمى الهيكل.
تأتي هذه الشكوى عقب عقود من الإحتلال تخللها ارتكاب شتى أنواع الجرائم في القدس والمسجد الأقصى دون أن يكون هناك أي مساءلة من أي نوع، ومن المتوقع تزايد وتيرة الجرائم في أعقاب الانتخابات الإسرائيلية التي أفرزت قيادات تريد العمل أكثر من أي وقت مضى على تنفيذ مخططات جاهزة لبناء الهيكل المزعوم وشرعنة بؤر استيطانية وبناء مستوطنات جديدة.
المسجد الأقصى وفقا للشكوى طالما كان هدفا لجماعات الهيكل المدعومة من الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة المتأهبة دائما لبناء الهيكل مكان مسجد قبة الصخرة، ولكنهم ينتظرون الفرصة وفي سبيل ذلك قاموا بتكريس حالة من الاقتحامات اليومية منذ سنوات تحت حماية قوات الاحتلال وبقرار من الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة يتخللها اعتداءات مختلفة على المصلين ومنعهم من الصلاة وإبعادهم عن المكان وإطلاق الرصاص الحي والغاز.
الشكوى أكدت أن المسجد الأقصى مكان عبادة خالص للمسلمين غير قابل للتقسيم معتمدة على حقائق تاريخية ثابتة والعشرات من القرارات الدولية التي تثبت أن المسجد الأقصى بكامل مبانية وجدرانه وساحاته وتوابعه فوق الأرض وتحتها والأوقاف الموقوفة عليه أو على زواره والأرض المسورة وأسوارها من الجهات الأربعة المحيطة بها والواقعة على مساحة (144) دونماً (الدونم =1000م2)، ويبلغ طوله (491م) من الجهة الغربية، و(462م) من الجهة الشرقية، و(310م) من الجهة الشمالية و(281م) من الجهة الجنوبية ملك للعرب والمسلمين ولا يحق لأحد كائن من كان العبث به.
وفي هذا السياق، صرح البروفيسور ويليام شاباس أن “المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية قد أجرى تحقيقات فعالة وملاحقات قضائية ناجحة فيما يتعلق بحماية المواقع الدينية والاعتداء عليها”، مضيفًا أن “مثل هذه الممارسات تندرج ضمن تعريفات الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وبالتالي، يُعاقب عليها بموجب نظام روما الأساسي”.
وأضاف شاباس أن “المعلومات الواردة في الشكوى تسلط الضوء على خطورة الوضع في فلسطين، ورغم هذا لم تحظ باهتمام كاف من العالم”، لافتًا أن “هذه الوقائع يجب الاهتمام بها لأنها قد تؤدي إلى العنف… سيكون لأي إجراء فوري من قبل المحكمة الجنائية الدولية تأثير رادع مهم، إذ يمكن استخدامه كتحذير لمن يسعون إلى تأجيج المواجهات العدوانية”.
وبينت الشكوى وفق شهادات الضحايا التي تم جمعها خطورة الوضع في المسجد الأقصى، ففي كل مرة تتعالى فيها الدعوات لاقتحام المسجد الأقصى من قبل منظمات الهيكل في مناسبات دينية وغيرها تقوم قوات الإحتلال بإخلاء ساحات ومباني المسجد بالقوة وفي كثير من الأحوال تتحول ساحات المسجد الأقصى إلى ساحات حرب يطلق فيها الرصاص الحي ويسقط القتلى والجرحى.
حركة جماعات الهيكل كما رصدتها الشكوى تكبر وتتمدد حيث تضم في عضويتها عشرات المنظمات وتستمد قوتها ودعمها المادي من المستويات السياسية والأمنية والعسكرية المختلفة.
ولفتت الشكوى أنه في الثامن عشر من هذا الشهر وفي ظل القيادة الجديدة ستختبر هذه المنظمات قوتها وستمارس مزيدًا من البلطجة عبر دعوتها وحشدها لاقتحام المسجد الأقصى في ذلك اليوم بمناسبة ما يسمى عيد “الحانوكا”.
هناك حالة من الغضب تسود أوساط الشعب الفلسطيني من سياسة الكيل بمكيالين و تمتد لعقود طويلة و تقودها الولايات المتحدة الأمريكية والغرب في التعامل مع المسائل الحقوقية، فعندما يتعلق الأمر بالجرائم المرتكبة من قبل إسرائيليين فإن هؤلاء ينعمون بالحماية والإفلات من العقاب وغيرهم يضيق عليه الخناق وتفرض عليه العقوبات وإن سنحت الفرصة فإنهم يعتقلون ويحاسبون.
وفي هذا الإطار قال محمد جميل رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا: “هذه الشكوى تأتي لتوجيه اهتمام المحكمة الجنائية الدولية والمجتمع الدولي من أجل فتح تحقيقات وملاحقة المتهمين في الجرائم المرتكبة ومنع الاقتحامات التي تستخدم لتحقيق أجندات سياسية وربما تؤدي إلى تفجير حرب دينية في المنطقة”.
وأضاف جميل أن “بن جيفر وسموتريش استخدما الاقتحامات ودعم جماعات الهيكل والاستيطان من أجل تحقيق مكاسب في الكنيست وهذا ما كان، وبعد تحقيق أهدافهما لا أحد يدري ما الذي ما سيفعلانه من خلال موقعهما في الحكومة لذلك على المجتمع الدولي أن يكون يقظًا”.
أمام شلل المجتمع الدولي وانعدام الإرادة السياسية فإن الإحتلال بكافة تشكيلاته مستمر بارتكاب جرائم ولا يزال مرتكبي الجرائم مفلتين من العقاب، وهذا يدعونا إلى تكرار دعوتنا إلى مدعي عام المحكمة الجنائية باعتبارها منفذ العدالة الوحيد والممكن أمام الفلسطينيين إلى ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لكسر الجمود الذي يحيط بالقضايا المعروضة أمام مكتب الادعاء العام.