تعتبر حكومة الإحتلال الإسرائيلية بأذرعها المختلفة أكبر منظمة استيطانية في القدس المحتلة تنفق المليارات على مشاريع خرافية ليس لها أصل إلا في عقول أصحابها من أجل تزييف الحقائق على الأرض لتغيير وجه المدينة العربي والإسلامي،لقد قامت حكومة الإحتلال بتوسيع الحدود الجغرافية لمدينة القدس لتضم أكبر قدر من المستوطنات مصادرة آلاف الدونمات وطاردة آلاف الفلسطينيين من منازلهم وأراضيهم بعد هدمها أو مصادرتها،لقد ارتكبت حكومة الإحتلال مجازر عديده بحق مدينة القدس،قطعت الشجر وهدمت المساجد والمنازل التي يعود عمرها إلى مئات السنين حتى الموتى في قبورهم لم يسلموا فهذه مقبرة مأمن الله جرفت ونبشت دون مراعاة لحرمة الأموات والحجة أنهم يريدون بناء متحف السلام على أرض المقبرة!أي سلام هذا والموتى لم يسلموا من آلة التدمير فكيف بالأحياء المهددون بالقتل والطرد من مدينتهم.عند زيارة المدينه ترى البناء الشاذ حول المدينة وفي قلبها ترى البؤر الإستيطانية كالأحزمة المعدة لإعدام الحياة بكل أشكالها،ترى الشوارع والحفريات التي تمزق أوصال المدينة وتحاول خلق نسيج اجتماعي غريب عن أصالة المدينة وتراثها،تجد الغرباء القساة بكل تفاصيلهم هذا يحمل سلاحاً مستعدا لإطلاق النار ذاك يسكن في منزل مسور بأسلاك شائكة أو بوابات حديدية مدعمة بكاميرات مراقبة على مدار الساعة،وذاك يسوق بلدوزر أو حفار يهدم أو يحفر في أعماق الأرض يبحث عن ماذا؟ عن هيكل،معبد،ملك ..فرغ باطن البلدة القديمة في عملية أشبه ما تكون باقتلاع أحشاء شخص ما ،هل يمكن أن تستمر الحياة بلا أحشاء؟ شقت الأنفاق من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب وبكافة الإتجاهات وصولا إلى المسجد الأقصى الذي أصبح مهددا بالدمار مثله مثل باقي منازل المقدسيين،لقد حدثت انهيارات في طريق باب المغاربة،وفي المصلى المرواني وفي مدراس تحفيظ القرآن داخل أسوار المسجد الأقصى وغيرها الكثير من الحوادث،يصف الكاتب الفرنسي كريستيان سالمون ما شاهدة أثناء زيارته للأراضي المحتلة بالقول”في حقبة الحروب اليوغسلافية نحت المهندس “بوغدانتوفيتش” عبارة قتل المدن إشارة إلى تدمير مدن البلقان،أما في فلسطين فإن ما يصدم أكثر هو العنف المتعمد ضد الأرض…فعلى مد النظر لا ترى سوى الساحات المكشوفة والتلال المحفرة …مساحات تبدو ممزقة بات من الصعب التعرف إليها فبشاعة الباطون والزفت تمتد على مدى أجمل المناظر في التاريخ البشري،إنها وحشية الجرافات إنه مخطط يكشف يد الدولة الإرادية التي تعمد منذ زمن إلى محو كل شيء …ليست هذه المرة الأولى التي يجري فيها محو سمات الأماكن فيحل إسم شارع أو مدينة مكان غيره أو يصار إلى تخريب المكان وإعادة إصلاحة ففي البوسنة سمي هذا بـ “مجزرة الذاكرة””، وهم مستمرون في هذه المجزرة في عتمة الليل ووضح النهار غير آبهين بشجب أو استنكار أو مؤتمر عقد في هذه الدولة أو تلك، رسموا الخطط وأعدوا المشاريع ونفذوا العديد منها والكثير في طريقه الى التنفيذ،فماذا فعل النظام العربي والإسلامي لمواجهة هذه المخاطر هل ارتقى عمله لا نقول إلى مستوى حكومة الإحتلال بل إلى أصغر منظمة إستيطانية تعمل بشكل دؤوب لتنفيذ مشاريعها؟ إنهم متفرجون، مكتوفوا اليدين وعديموا الإرادة على الرغم من كثرة الإمكانيات والقدرة الحقيقية على فعل كل شيء من أجل أعدل قضية في الكون،كم من الدولارات صرف النظام العربي والإسلامي على مشاريع رائدة تدعم صمود المقدسيين وتحد من تهويد المدينة،الجواب حسب الخبراء وما نراه على أرض الواقع لا تعدو عن ملايين ينفقها أحدهم على حفله من حفلاته،ما المانع من المجاهرة في دعم القدس وتنفيذ مشاريع تنموية للوقوف في وجه الحملة الإستيطانية الشرسة، أوليس عجيبا أن يبقى المقدسيون طوال هذه السنين وحيدين في مواجهة أشرس آلة أستيطانية دون سند أو معين والأعجب من ذلك يتساءل بعضهم كيف صمد هؤلاء كل هذه السنين؟ لا يمكن ترك هذا التراث المقدسي، الإنساني والمهد الحضاري نهبا لعصابات صهيونية قدمت من كل أنحاء الأرض مسكونه بهواجس الحفر والتدمير بحثا عن ملوك وأماكن عباده مزعومة عمرها آلاف السنين لا مكان لوجدها إلا في عقول أصحابها،
لا بد من وقفه رسمية جادة تشد من أزر القدس وتعيد الحقوق المسلوبة إلى أصحابها،ولعلنا نستطيع في هذه السلسة من التقارير التي تتناول قضية القدس أن نحرك ضمائر المسؤولين وصناع القرار في العالمين العربي والإسلامي لفعل كل شيء غير المؤتمرات لإنقاذ هذا الإرث الحضاري والإنساني، نبدأ هذه السلسلة بتقرير عن منظمات استيطانية لها دور كبير في مشاريع نفذت وبعضها الآخر في طريقه إلى التنفيذ كان له وسيكون أثر مدمر على هوية القدس المحتلة.