وسط أجواء شتوية قاسية؛ يواجه مئات الآلاف من الفلسطينيين النازحين في قطاع غزة موجة برد جديدة في ظل استمرار أزمة النزوح الناتجة عن حرب الإبادة الإسرائيلية.
وباتت الخيام المهترئة المنتشرة في العراء عاجزة عن مقاومة الرياح العاتية، فيما الأمطار تهدد بجرف ما تبقى من مأوى مؤقت لملايين الفلسطينيين الذين فقدوا منازلهم.
ويأتي المنخفض الجوي الحالي ليعمّق أزمة إنسانية مستمرة منذ أشهر، حيث يضطر السكان النازحون إلى الاحتماء بأغطية بلاستيكية بالية وسط نقص حاد في مواد التدفئة والغذاء.
ومع استمرار الحصار الإسرائيلي؛ فإن الأوضاع تتجه نحو مزيد من التدهور، خاصة مع غياب أي حلول فعلية لإيواء النازحين أو تقديم الإغاثة الكافية لهم.
تحذيرات الدفاع المدني في القطاع تؤكد أن الرياح القوية والأمطار الغزيرة قد تؤدي إلى انهيار العديد من المخيمات العشوائية، في وقت يواصل فيه الاحتلال الإسرائيلي منع إدخال المستلزمات الأساسية، بما في ذلك الخيام والمنازل المتنقلة.
وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 1.5 مليون فلسطيني أصبحوا بلا مأوى بعد أن دُمّرت منازلهم بشكل كامل، بينما يعيش السكان الباقون في ظل انهيار شبه كامل للخدمات الأساسية. فالكهرباء مقطوعة، والمياه شحيحة، والوقود غير متوفر، مما يجعل الشتاء أكثر قسوة على العائلات النازحة، وخاصة الأطفال وكبار السن.
ورغم اتفاق وقف إطلاق النار، فإن الاحتلال الإسرائيلي يواصل منع دخول الإمدادات الضرورية، في انتهاك واضح للمواثيق الدولية التي تضمن توفير الاحتياجات الأساسية للمدنيين في أوقات النزاعات والكوارث الإنسانية.
ويتعارض الوضع الذي يعيشه النازحون الفلسطينيون في قطاع غزة مع القانون الدولي الإنساني، الذي يفرض على سلطات الاحتلال مسؤولية تأمين الاحتياجات الأساسية للسكان الخاضعين لسيطرتها. ووفقاً لاتفاقيات جنيف، يُعدّ الحرمان المتعمد من المساعدات الإنسانية، وخاصة الغذاء والمأوى، جريمة حرب تستوجب المساءلة الدولية.
كما ينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على حق الإنسان في السكن الملائم والمياه النقية والغذاء الكافي، وهي حقوق محرومة منها الغالبية العظمى من سكان القطاع بسبب سياسة العقاب الجماعي التي تفرضها إسرائيل.
ومع استمرار التهجير القسري والحصار ومنع الإغاثة؛ ترتفع أصوات المنظمات الحقوقية الدولية للمطالبة بوقف هذه الانتهاكات، التي ترقى إلى مستوى جريمة ضد الإنسانية وفق النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. ومع ذلك، لا يزال المجتمع الدولي عاجزاً عن فرض أي إجراءات عملية تضمن حماية الفلسطينيين وتخفيف معاناتهم الإنسانية.
في ظل هذه الأوضاع؛ يبقى الفلسطينيون النازحون في غزة بين خيارين أحلاهما مرّ: مواجهة الشتاء القارس داخل خيام لا تقيهم من البرد، أو انتظار استجابة دولية تبدو بعيدة المنال في ظل استمرار الاحتلال في سياساته القمعية دون رادع.