رغم ممارسة النظام السعودي سياسة التعتيم الإعلامي لإخفاء انتهاكاته المتعددة لحقوق الإنسان؛ إلا أن أقارب المعتقلين السياسيين والنشطاء الحقوقيين، يكشفون بين فينة وأخرى مدى الانتهاكات التي يتعرضون لها.
وفي هذا السياق؛ كشف ناصر القرني، نجل الأكاديمي المعتقل في السجون السعودية عوض القرني، تفاصيل عن عملية اعتقال والده قبل خمس سنوات، مشببهاً إياها بأنها كانت مثل “ساحة حرب”.
وقال في مقطع فيديو مصور، إنه “بعد غروب الشمس مباشرة يوم 9 سبتمبر 2017، جاءت سيارتان إلى استراحة الولد، ودخلوا حتى وصلوا باب المنزل، وطرقوا الباب وكلمهم الوالد من خلال سماعة الجرس، فقالوا له نحن ضيوف من خارج المنطقة، فرحّب بهم ونزل لاستقبالهم، وأول ما فتح الباب انقضوا عليه، وحاولوا دخول المنزل بلباس مدني، لكن الوالد أخرجهم وأغلق الباب من خلفه لوجود الأهل والأطفال في المنزل”.
وأضاف ناصر: “دقائق محدودة حتى أتت نحو 30 سيارة مدججة بالأسلحة والعسكر وقوات الطوارئ، فتشوا البيت وصادروا كل الأجهزة الالكترونية، حتى الهواتف وألعاب الأطفال، وهواتف الأعمال الموجودة في المنزل، واستمر التفتيش حتى الساعة العاشرة ليلا”.
وتابع: “أصبح كل من بالبيت في حالة قلق وخوف، وحاولوا تقييد والدي أمام أطفاله، وتم تفتيش الأطفال ثم حُبسوا في غرفة صغيرة، وصوت بكاؤهم يملأ المكان، حتى تم تفتيش كل المنزل، وللأسف تم إشهار الأسلحة على كل من في المنزل”.
وأردف نجل القرني: “أنا وشقيقي كنا في الخارج، وحينما وصلنا ذُهلنا من المنظر، كأنها ساعة حرب حقيقية، أكثر من 100 رجل مزودين بالمسدسات والرشاشات، كانوا يتحلقون على شكل دائرة تحيط بالمنزل، وتم منعنا من دخول البيت بقوة السلاح”.
وزاد: “لم ندخل المنزل إلا بعد طول انتظار دام ثلاث ساعات، وعندما دخلنا رأينا العبث في البيت، وكأن وحوشاً انقضت عليه، ثم أخذوا والدي بالعنوة، وقالوا لنا يومان وسوف يعود، ونحن الآن في أكتوبر 2022 ولا زال المنزل يفتقد للوالد”.
وكانت السلطات السعودية قد اعتقلت القرني في أيلول/سبتمبر 2017، ضمن حملة من الاعتقالات لنشطاء ومفكرين وأكاديميين ودعاة شرعيين، ويواجه اتهامات قد تصل عقوبتها للإعدام، كـ”الخروج على ولي الأمر، والسعي لإثارة الفتن وزعزعة أمن الدولة”، وهي تهم ينفيها القرني الذي يعاني أوضاعا صحية صعبة في معتقله.
وسبق أن أعلن ناصر القرني، السبت الماضي، تمكنه من مغادرة المملكة نحو مكان آمن؛ خوفا من الاعتقال، وللدفاع عن والده، موجها انتقادات لسلطات بلاده وسجلها الحقوقي.
يُشار إلى أنه منذ استلام الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد بالسعودية في 29 أبريل 2015، ويتعرض دعاة بارزين وناشطين في البلاد، للتوقيف والاعتقال بتهم “الإرهاب والتآمر على الدولة”، ورغم مطالبات متعددة لمنظمات حقوقية دولية وغير حكومية وشخصيات عامة ونشطاء، بإطلاق سراحهم؛ إلا أن السلطات السعودية تجاهلت كل هذه المطالبات، وأحالتهم لمحاكمات هزيلة، وصدرت في كثير منهم أحكام قاسية، وصل بعضها إلى الإعدام.