عقدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا ندوة مساء الأربعاء 08 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 حول الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من 33 يومًا ضد المدنيين الأبرياء في غزة، والتي يرافقها حصار تام شامل يُمنع على إثره إدخال المياه والطعام والوقود والأدوية وأي مساعدات إنسانية لأهالي غزة، في سياسة تجويع وعقاب جماعي واضحة.
شارك في الندوة نخبة من السياسيين والنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، وهم جيم موران- عضو سابق في الكونغرس الأمريكي، وكين روث- محامي وناشط أمريكي والمدير التنفيذي السابق لمنظمة هيومان رايتس ووتش، ومات كارثي- عضو بالبرلمان الأيرلندي، وآدم شابيرو- مدير قسم المناصرة لفلسطين/إسرائيل في منظمة الديموقراطية الآن للعالم العربي، وجوناثان بورسيل- مسؤول الشؤون العامة والاتصالات في مركز العدالة الدولي للفلسطينيين، وأليشا كوتسوليري- مديرة الاتصالات في منظمة “شركاء من أجل فلسطين”، ويورام فان كلافرين- عضو سابق في البرلمان الهولندي، ومحمد جميل- رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، بإدارة الصحفي نورس أبو صالح.
في بداية كلمته، أعرب جيم موران عن خيبة أمله العميقة إزاء رد فعل الولايات المتحدة تجاه الوضع الجاري في فلسطين، وقارن ذلك بخيبة أمله السابقة إزاء تصرفات إدارة بوش في العراق، قائلًا “شعرت بخيبة أمل كبيرة من رد فعل أمريكا تجاه ما يحدث في فلسطين اليوم، مثل خيبة الأمل التي شعرت بها إزاء قرار إدارة بوش بتدمير بلد، العراق، بعد أحداث 11 سبتمبر”.
وسلط موران الضوء على الضغوط السياسية التي تواجه العضوة الفلسطينية الوحيدة في الكونغرس بسبب تضامنها مع الفلسطينيين في غزة، لافتًا أن هذا التصرف يعكس تدهور أوضاع حرية التعبير في الولايات المتحدة، حيث قال “صوت أعضاء الكونغرس بأغلبية ضد العضوة الفلسطينية الوحيدة من بين أعضائه البالغ عددهم 535 عضواً، فقط لأنها عبرت عن وجهة نظرها حول ما يحدث حاليًا في غزة بغض النظر كفاءتها كناخبة تهتم بدائرتها الانتخابية… هذا القرار الذي يدعمه العديد من الديمقراطيين وأغلبية الجمهوريين، يتناقض بشكل صارخ مع مبادئ وجهات النظر المتنوعة وحرية التعبير التي نعتز بها”.
وتابع “للأسف، الكثير من أعضاء الكونغرس تحدثوا عن رغبتهم في ترحيل الفلسطينيين، وعدم السماح لهم بدخول البلاد، يحاولون اتخاذ كل التدابير الممكنة التي تعكس تصاعد ملحوظ في التطرف”.
وانتقد موران موقف المسؤولين والأشخاص الذين لا يرغبون في وقف إطلاق النار، قائلًا “كيف يمكن لهؤلاء الأشخاص أن يتجاهلوا حقيقة أن لدينا الآن أكثر من 10.000 حالة وفاة، نصفهم من الأطفال، فقدوا حياتهم نتيجة القصف الإسرائيلي.”
وتابع “الأطفال حسب القانون الدولي ليسوا مسؤولين عن تصرفات البالغين، وهو ما ينطبق على أطفال غزة التي يعيش فيها حوالي 2.3 مليون شخص، 99.9٪ منهم من المدنيين الأبرياء”.
وفي معرض حديثه عن الوضع الكارثي في غزة، قال موران: “غزة تشهد نكبة جديدة، تم تهجير 70٪ من السكان، ومن وجهة نظر الكثيرين فإن ما يحدث في غزة لا يختلف عن “الهولوكوست”… إن ما يحدث هو جريمة ضد الإنسانية بكل المقاييس.”
وانتقد موران سياسة الولايات المتحدة وتداعياتها فيما يتعلق بدعم إسرائيل اللامشروط، قائلًا: “تريد الولايات المتحدة، وهي المصدر الرئيسي للتمكين الدولي للحكومة الإسرائيلية، أن تساعد بالمزيد في هذه الحرب، تريد منح 14 مليار دولار أخرى لحكومة نتنياهو، ليستخدمها بشكل أساسي في قتل المزيد من الفلسطينيين المدنيين”.
وفي مداخلته، سلط عضو البرلمان الأيرلندي، مات كارثي، الضوء على الخسائر البشرية الكارثية التي نتجت عن القصف الإسرائيلي المستمر للقطاع، وقال: “في مثل هذا الوقت من الأسبوع الماضي فقط، كنا نتناقش في وصول عدد القتلى إلى 5000 شخص جراء الغارات الجوية الإسرائيلية على غزة، هذا الأسبوع فقط، تجاوز الرقم 10000 بكثير”، وأشار كارتي إلى مقارنة صادمة تثبت وحشية وإجرم الاحتلال الإسرائيلي، قائلا إن ” لقد قُتل في أسبوع واحد عدد من الأشخاص يفوق عدد الأشخاص الذين قُتلوا خلال الحرب التي شهدتها شمال أيرلندا على مدار 30 عامًا.”
وحول نتائج القصف الإسرائيلي، أوضح كارتي أن القتلى الفلسطينيين جراء القصف الإسرائيلي كان من بينهم “أكثر من 4000 طفل، وأكثر من 600 من كبار السن، وحوالي 3000 امرأة، كما تشير التقديرات إلى أن هناك 2800 مدني فلسطيني تحت الأنقاض حالياً، بينهم 1300 طفل.”
وانتقد كارتي ازدواجية معايير القادة الأوروبيين فيما يتعلق العدوان الإسرائيلي على غزة، إذ قال “مشكلتي الكبرى مع زعماء الغرب أن كل فرد منهم حين تناول ما يحدث بدأ باستخدام عبارة “لإسرائيل الحق”، يكفي! على المجتمع الدولي الآن أن يعرف أن إسرائيل “لا تملك الحق!”، ليس لديها الحق في شن هجوم شرس وعدواني ضد السكان المدنيين الأبرياء”.
كما انتقد الصمت الدولي المخز، قائلًا ” حين يقف قادة وزعماء العالم صامتين بعد أن قتلت إسرائيل 90 موظفاً في الأونروا، و192 من العاملين في مجال الرعاية الصحية، و36 موظفاً دفاع مدني، و47 صحفياً، فأين السلطة التي يمتلكونها؟ هل سيتمكنون من إدانة أي عدوان أو جرائم تحدث في أي مكان آخر في العالم؟”
وتابع “إذا لم ينتفض المجتمع دولي ويغضب لمقتل كل طفل فلسطيني مثلما يفعل مع الأطفال الإسرائيليين، فيجب أن نعترف بوفاة قيم ومبادئ القانون الدولي”.
وعلى الرغم من فخره بموقف أيرلندا المشرف حيث طالبت بوقف إطلاق النار، استدرك كارتي حديثه قائلًا ” لكن مع الأسف، نحن نشكل أقلية في دول الاتحاد الأوروبي، معظمهم لم يصوت للقرار…لقد تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة قراراً يدعو إلى وقف إطلاق النار، لكن إسرائيل -كالعادة- تجاهلت هذا القرار!”
وحذر كارتي في نهاية مداخلته من أن “الحرب الحالية تهدف إلى تدمير الشعب الفلسطيني والقضاء عليه، مع الأخذ في الاعتبار تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى أن إسرائيل تنوي احتلال غزة.”
واختتم حديثه مؤكدًا على ضرورة التأكيد على مطلب وقف إطلاق النار في كل فرصة ممكنة، “علينا كذلك أن نتخذ إجراءً سياسياً يضع حد لما يحدث! يجب أن يكون هناك إجراءات وتدابير اقتصادية وسياسية ودبلوماسية على المستوى الدولي.”
أما آدم شابيرو، سلط الضوء في كلمته على ازدواجية المعايير في الغرب حين يتعلق الأمر بارتكاب جرائم إبادة جماعية، لافتًا إلى أن ما يحدث في غزة ليس الأول من نوعه، بل سبق وخذل العالم مئات الآلاف من الضحايا في بلدان ليس لديهم بها مصالح.
وقال ” حين يتعلق الأمر بالإبادة الجماعية، فإن ازدواجية المعايير تكون سيدة المشهد! رد الفعل الدولي لما يحدث في غزة، والذي يتزامن مع ما يحدث في أوكرانيا، هو تجسيد واضح لازدواجية المعايير الدولية”.
وأشار شابيرو إلى تباين ردود الفعل الغربية تجاه الأزمات الدولية، قائلا: “حين نقارن الدعم الغربي، وخاصة الأمريكي، للجهود الأوكرانية في مقاومة القوة المحتلة التي استولت على أراضي البلاد وضمتها والتي ترتكب جرائم بشعة هناك، برد الفعل حين يتعلق الأمر بفلسطين، وليس غزة فقط، سنجد أن هذا مثال واضح على ازدواجية المعايير”.
وسلط الضوء على الإهمال التاريخي فيما يتعلق بجرائم الإبادة الجماعية في دول مختلفة، قائلا: “المجتمع الدولي دائمًا ليست متسقة حين يتعلق الأمر بالإبادة الجماعية، الرد يختلف بحسب الدولة التي تتعرض لهذه الجريمة البشعة… على سبيل المثال في رواندا، لمدة 30 عامًا تقريبًا تعرض مئات الآلاف هناك لإبادة جماعية، وبالرغم من المناشدات والتحذيرات الواضحة، لم يتحرك الغرب إلا بعد فوات الأوان”.
وانتقد شابيرو أيضًا عدم فعالية القانوني الدولي، مؤكدًا أن “السماح بارتكاب الإبادة الجماعية موجود في النظام الدولي على الرغم من القانون الدولي”، وتابع “القانون الدولي، والقانون الإنساني الدولي، الآن مجرد حبر على الورق… الأدوات التي تم وضعها للتحقيق والمحاكمة من خلال المحكمة الجنائية الدولية أصبحت بلا معنى بسبب التواطؤ الدولي في الجرائم.”
وفي معرض حديثه عن الحالة الفلسطينية، سلط شابيرو الضوء على أوجه التشابه التاريخية بينها وبين دول أخرى ارتكبت فيها إسرائيل جرائم مماثلة، قائلًا ” بالنسبة للتجربة الفلسطينية، فإن ما نراه من المجتمع الدولي ليس استثناءً، حصار مدينة غزة من قبل إسرائيل حدث قبل ذلك من قبل إسرائيل أيضًا حين حاصر بيروت عام 1982، وتسببت في مذبحة صبرا وشتيلا بعد أن سمح الإسرائيليون لميليشيات الكتائب بالدخول وذبح الفلسطينيين.”.
وشدد على محنة الفلسطينيين المستمرة، “ما نشهده في فلسطين… هو إبادة جماعية مستمرة منذ 75 عامًا”، وأشار إلى عمليات الإخلاء القسري الأخيرة التي يعاني منها الفلسطينيين في الضفة الغربية “قبل بضعة أيام فقط في قرية حوارة، تم طرد 200 فلسطيني من منازلهم… كما أُجبر أكثر من 2000 شخص حتى هذه اللحظة على مغادرة منازلهم وقراهم في الضفة الغربية.”.
وأوضح شابيرو ” هذه عملية مستمرة منذ 75 عاماً… إنها جهد استعماري استيطاني للاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الأراضي، مع أقل عدد ممكن من الناس.”.
أخيرًا، انتقد شابيرو التواطؤ الغربي، قائلاً: ” في حالة إسرائيل، وعلى عكس العديد من الأمثلة الأخرى من التاريخ، فإن الولايات المتحدة في المقام الأول، ودول أخرى في الغرب، ليس لديها مصلحة في المساعدة فحسب، بل إنها تبذل في سبيل التشجيع والدعم كل ما تملك من أدوات، وذلك من خلال توفير الأسلحة والأموال وغيرها من المساعدات التي تمكنها من تحقيق أهدافها.”
في كلمته، سلط جوناثان بورسيل الضوء على الخسائر البشرية للعدوان الإسرائيلي على غزة، وأشار إلى أن … المؤلم في الأمر أن الحديث عن هذه الحالات تحول إلى مجرد سرد لأرقام، وكأن هؤلاء الناس لم يكونوا مهمين، لم يكن لديهم أصدقاء، عائلات، كأنه لم يكن لديهم ذكريات وأحلام وطموحات للمستقبل!”
وفي معرض حديثه عن الوضع الكارثي على الأرض، أشار بورسيل إلى أنه “منذ الشهر الماضي، تستخدم إسرائيل سياسة العقاب الجماعي ضد أكثر من 2 مليون شخص، وضعتهم تحت حصار خانق، وأجبرت أكثر من مليون مدني على الترحيل القسري والنزوح من شمال غزة، وسط قصف عنيف بلا رحمة ضد كل المنشآت المدنية.”
وحمل المملكة المتحدة مسؤولية ما يحدث، قائلًا” إن التاريخ الاستعماري للمملكة المتحدة في هذه المنطقة يجعها تتحمل مسؤولية دائمة فيما يتعلق بالجرائم الإسرائيلية الحالية”، وانتقد اللغة التي يستخدمها القادة السياسيون، قائلاً: ” المصطلحات التي يستخدمها السياسيون الغربيون حين يصفون ما ترتكبه إسرائيل يعطي تفويضاً مطلقاً لإسرائيل لاستخدام قوة عنيفة غير متناسبة.”
وأمد بورسيل على أن إسرائيل ترتكب فظاعات ليس لها مثيل، قائلًا ” أكثر من شهر، ترتكب إسرائيل جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، بل وربما جرائم إبادة جماعية، ضد المدنيين في غزة.”
ورأى بورسيل أن تواطؤ المملكة المتحدة واضح في هذه الحرب بسبب مبيعات الأسلحة البريطانية لإسرائيل، موضحًا ” توفر صناعة الأسلحة البريطانية 15% من مكونات الطائرة المقاتلة الشبح F-35 التي تستخدم لقصف غزة في الوقت الذي نتحدث فيه”، كما تناول بورسيل موقف حزب العمال في المملكة المتحدة، حيث “رفض زعيم حزب العمال كير ستارمر إدانة قطع المياه والكهرباء عن جميع السكان الذين يزيد عددهم عن مليوني شخص”.
وأكد بورسيل أن “انتهاكات إسرائيل المنهجية لحقوق الفلسطينيين التي يكفلها لهم القانون الدولي الدولي مستمرة منذ زمن طويل ولم تبدأ خلال الأحداث الأخيرة فقط”، منتقدًا حالة الإفلات من العقاب التي تتمتع بها إسرائيل على المستوى الدولي.
واختتم بورسيل كلمته متسائلًا: “مع مقتل أكثر من 10.000 فلسطيني في شهر واحد فقط، كم عدد الأشخاص الذين يجب أن يموتوا قبل أن يتخذ المجتمع الدولي موقفاً لحماية حياة هؤلاء الناس؟”
في مداخلتها، سلطت أليسيا كوتسوليريس الضوء على الأسباب الحقيقية والأساسية للحرب الحالية، مشيرة إلى أن ” ما حدث يوم 07 أكتوبر، لم يكن بداية شيء ما، بل كان رد فعل على شيء ما… لقد ظل الاحتلال يضطهد الفلسطينيين في الضفة الغربية لأكثر من 56 عامًا، مع حصار ظالم على غزة لمدة 16 عامًا… في الواقع، ما حدث كان عبارة عن عملية “هروب من السجن”.
وتابعت “حماس كانت واضحة في البداية، قالت إن أفعالها جاءت ردًا على الاحتلال المستمر، وطريقة معاملة الأسرى الفلسطينيين داخل المحكمة العسكرية في الضفة الغربية المحتلة، وأيضاً على الاعتداءات الأخيرة على المسجد الأقصى.”
وانتقدت كوتسوليريس الرواية الغربية وترديد عبارة “من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها”، مشيرة إلى أنه ” لا يوجد مكان في القانون الدولي يقول إن لقوة الاحتلال الحق في الدفاع عن نفسها، بل إنه عمليًا، يحق للفلسطينيين الدفاع عن أنفسهم ضد المحتل.”
وفي معرض حديثها عن دور الولايات المتحدة، قالت: ” الولايات المتحدة ترسل 3.8 مليار دولار من المساعدات إلى إسرائيل سنوياً بحجة مساعدتها على حل أزماتها، ومع ذلك لم يتم حل أي منها… المؤسف أن رد الحكومة الأمريكية على هذا الإخفاق كان ببساطة زيادة التمويل والمساعدات العسكرية…. زيادة المساعدات لن يعالج المشكلة، القضية الأساسية هي: رغبة الشعب الفلسطيني في العيش بحرية وكرامة، مثل أي شخص آخر.”
وأضافت أن حكومة الولايات المتحدة تغذي الإبادة الجماعية التي تحدث حاليًا في غزة، لافتة أن أكثر من 4000 طفل ماتوا خلال شهر تقريبًا.
كما تحدثت عن تقاعس المجتمع الدولي، متسائلة ” كم عدد الفلسطينيين الذين سنوافق بأن يكونوا ضحايا لهذه الفظائع بينما يجلس المسؤولون ويتناقشون حول التسمية الصحيحة لما يحدث!؟” وانتقدت القيود التي يواجهها المسؤولون الأمريكيون الذين يحاولون الدفاع عن القضية الفلسطينية أو إظهار التضامن مع فلسطين.
كما قال كوتسوليريس إن القوات الإسرائيلية “لا تستطيع التمييز بين هدف عسكري وموقع مدني”.
وفي ختام كلمتها قالت “نحن بحاجة إلى البدء في التواصل مع المسؤولين المنتخبين داخل الولايات المتحدة وإعلامهم بأن هذه ليست الطريقة التي نريد أن نظهر بها على المسرح العالمي، وليست هذه هي الطريقة التي نريد أن تنفق بها أموال الضرائب الخاصة بنا…. إذا لم يتمكن المسؤولون المنتخبون في الولايات المتحدة من إحداث الفارق ودعم الجانب الصحيح من التاريخ، فسوف نقوم بالتصويت لإقصائهم والبحث عن شخص آخر يفعل ذلك.”
رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا بدأ كلمته ناعيًا القيم الأخلاقية الغربية بسبب الموقف المتخاذل من الحرب على غزة ودعم إسرائيل غير المشروط، وقال “أريد أن أنعي القيم الغربية، وقيمة أولئك الذين أعطوا ضوءاً أخضر قوياً لإسرائيل لارتكاب هذه الفظائع.”
أما عن ضحايا الإجرام الإسرائيلي من الفلسطينيين، قال جميل ” لن أنعي أبداً ضحايا فلسطين… لن أحزن أبدًا على أولئك الذين قتلوا في غزة، لأنهم شجعان… أرسل بتحية إليهم جميعًا، وسأبذل كل جهدي لدعمهم بكل الوسائل والأدوات الممكنة… هؤلاء الأشخاص الذين ناضلوا لمدة 100 عام هم الذين يستحقون حق الدفاع عن النفس، وليس إسرائيل كما يدعي المسؤولون الغربيون”.
كما سلط الضوء على السياسة الغربية المنافقة، قائلًا ” صناع القرار في الغرب وقعوا رهائن لأحداث 7 أكتوبر، ولا نعلم من يستطيع تحريرهم”، لافتًا إلى موقف وزير الخارجية الأمريكي، قائلًا: “عندما سُئل بلينكن خلال زيارته للأردن، هل وقوع عشرة آلاف قتيل لا يكفي لوقف هذه الحرب الدموية، أليس كافيًا لوقف هذا الجنون!؟، ماذا فعل! هرب وحوّل الحديث في المؤتمر إلى أحداث 7 أكتوبر”.
ودعا جميل إلى التحرك قائلاً: “لقد حان الوقت لوضع حد لهذه الإبادة الجماعية”. وحذر من الاستهانة برد فعل الناس، “لا تستهينوا بالناس في الشوارع في الشرق الأوسط.. لن يتوقع منهم أن يبقوا صامتين”.
وأعرب عن شكوكه بشأن الديمقراطيات الغربية، قائلا: “أنا لست متفاجئا من موقف الغرب؛ فهذه أنظمة دكتاتورية ترتدي قناع الديمقراطية”.
كما انتقد جميل الجهود المبذولة للتقليل من جرائم الحرب والمجازر الإسرائيلية، وقال إن “الأنظمة الغربية تبذل قصارى جهدها حتى الآن لغسل جرائم إسرائيل وفظائعها التي ترتكبها في وضح النهار”.
وفي حديثه عن العنف المستمر، تساءل جميل: “نحن نشهد مذبحة تلو الأخرى ضد سكان غزة وحتى الآن يسمون ما تفعله إسرائيل دفاعًا عن النفس… أتساءل متى سيسمي الغرب ما يحدث إبادة جماعية!”
وطرح سؤالا حاسما: “كيف نسمح بحدوث هذه الفظائع ونحن في القرن الحادي والعشرين؟” وأضاف “ما هي الآلية التي يمكننا استخدامها لوضع حد لهذه الفظائع؟ هناك جلسة تسمى الدورة الطارئة في الجمعية العامة، حيث يمكن للدول اتخاذ إجراءات قوية ضد هذا الجنون الإسرائيلي”.
ودعا إلى اتخاذ إجراءات قانونية، وقال: “أبواب محكمة العدل الدولية مفتوحة، وأي دولة تؤمن بالقيم، وتؤمن بسيادة القانون، يمكنها الذهاب إلى هناك والمطالبة بفرض أحكام لوقف هذه الإبادة الجماعية”.
وفي ختام كلمته، حذر جميل من أن “إسرائيل ستواصل ما بدأت به ما لم يتم اتخاذ إجراءات حاسمة… الجلسة الطارئة للجمعية العامة لا تزال مفتوحة لاستئناف، ولطرح قرار قوي تحت مظلة الأمم المتحدة لوقف هذه المأساة.”
خلال كلمته، تحدث كين روث، المدير التنفيذي السابق لمنظمة هيومن رايتس ووتش، عن لجرائم العسكرية التي ترتكبها الحكومة الإسرائيلية خلال الحرب الحالية على غزة، وقال روث إن “الحكومة الإسرائيلية تنتهك واجب عدم إطلاق النار بشكل عشوائي على المناطق المدنية”، متهماً إياها بارتكاب جرائم خطيرة و”تمزيق اتفاقيات جنيف والاستهزاء بمعايير القانون الإنساني”.
وسلط الضوء على خطورة هذه الجرائم: “إن إسرائيل تطلق النار بشكل عشوائي، وكنتيجة لذلك وجدنا أحياء بأكملها سويت بالأرض”، وتابع ” إن استخدام إسرائيل لقنابل التي تزن 2000 رطل في منطقة مأهولة بالسكان لا يؤدي إلا إلى مقتل وإصابة عدد كبير من المدنيين، وعليه أستطيع التأكيد بأن هجوم إسرائيل لم يكن أبدًا متناسبًا.”.
وتحدى روث التبرير العسكري لمثل هذه الجرائم، متسائلاً: “ما هو نوع الوجود العسكري الذي يبرر تشريد مئات العائلات؟” وأدان عدم استجابة الحكومة الإسرائيلية الكافية للاحتياجات الإنسانية، قائلاً: ” الحكومة الإسرائيلية تسمح بمرور عدد محدد من شاحنات المساعدات الإنسانية للقطاع لا تلبي احتياجات الأهالي، ما يجعلهم في حالة حرمان شديد، ومهددون بأخطار إنسانية عدة، خاصة بعد نفاد الوقود اللازم لتشغيل مولدات المستشفيات.”.
واتهم روث إسرائيل بارتكاب سلوك إجرامي من خلال “قطع إمدادات المياه والكهرباء من إسرائيل”، معتبرا ذلك “انتهاكا واضحا للقانون الإنساني الدولي”.
وشدد روث على مسؤولية إسرائيل في “تجنب الجرائم العشوائية وغير المتناسبة في كل هجوم”، وأشار إلى أن “القصف استمر إلى حد كبير حتى على طول طرق الإخلاء”، مشددا على الاستهتار بسلامة المدنيين.
علاوة على ذلك، انتقد روث رفض إسرائيل للهدنة الإنسانية التي كان من الممكن أن تخفف المعاناة: “لقد رفضت الحكومة الإسرائيلية حتى الهدنة الإنسانية التي كان من الممكن أن تسمح بمعالجة بعض هذه القضايا الإنسانية التي تسبب بها الحصار الجديد المفروض مؤخرًا”، كما انتقد طلب إسرائيل من أكثر من مليون مواطن من سكان شمال غزة مغادرة منازلهم وإجبارهم على النزوح القسري تجاه الجنوب، مشيرًا إلى صعوبة حدوث ذلك.
وأخيراً، تناول روث المآسي الشخصية لأولئك الذين لم يتمكنوا أو لم يرغبوا في مغادرة منازلهم: “يبقى بعض الناس ويرفضون النزوح بسبب الإعاقة أو الفقر أو الخوف من عدم القدرة على العودة أبداً لأن شبح النكبة الأولى لا يزال يطاردهم”.
يورام فان كلافيرين، وهو سياسي هولندي وعضو سابق في البرلمان، تناول في كلمته الجذور التاريخية للدعم الغربي لإسرائيل، وبدأ بطرح سؤال: لماذا يدعم الكثير من الغربيين إسرائيل؟، وأجاب “الجواب ببساطة هو المصالح المشتركة بين عدد كبير من الجماعات والأحزاب وبين وجود إسرائيل، أبرزهم: المسيحيون الصهاينة، والمنظمات العلمانية المناهضة للإسلام، والمؤسسات السياسية.”.
ألقى فان كلافيرين الضوء على الأسس التاريخية للصهيونية المسيحية، وقال ” يعتقد الكثير من الناس أن الصهيونية بدأت مع تيودور هرتزل، ولكن الحقيقة أن حاخام أمريكي هو الذي أعلن حوالي عام 1860 رسالة مفادها أن الشعب اليهودي لن يجد الأمان والهدوء بدون وجود وطن له”.
وتابع فان كلافيرين “دعم الصهاينة المسيحيين لإسرائيل هو ذو طبيعة دينية للغاية”، لكن ” السياسيون والمنظمات العلمانية المناهضة للإسلام معظمهم ليسوا متدينين على الإطلاق، بل لا يهتمون بالقصة الدينية برمتها، دعمهم لإسرائيل مبني على أيدلوجية سياسية ومالية، إذ يعتبرونها موقعاً غربياً متقدماً في الشرق الأوسط، ووكيل لحروبهم ضد المسلمين”.
وعلق أيضًا على الاستراتيجيات الجيوسياسية قائلاً: “إن مؤسسات معظم الدول الغربية تصطف مع الولايات المتحدة، وترى في إسرائيل مصلحة جيوسياسية واقتصادية وعسكرية في المنطقة”، واقتبس من كلام الرئيس جو بايدن عام 1986، “لو لم تكن إسرائيل موجودة بالفعل، لكان على أمريكا أن تخترعها بسبب المصالح التي تخدمها في المنطقة”.
وتابع “ إن الجمع بين كل هذه الجهات الفاعلة وتأثيرها يعني أن العديد من الغربيين قد تربوا على فكرة مفادها أن دعم إسرائيل هو الشيء الصحيح الذي ينبغي القيام به”.
واختتم كلمته قائلًا ” بفضل الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، انهارت العديد من المسلمات التي حاولت هذه المجموعات الترويج لها وإقناع الناس بها، وتحول الرأي العام ببطء، كما رأينا في العديد من المظاهرات المؤيدة لفلسطين التي شارك فيها أشخاص من جميع أنحاء العالم ومن مختلف الطبقات والخلفيات المجتمعية والفكرية”.