نظمت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا الثلاثاء الموافق 8أﻳﺎر/ مايو 2018 ندوة بعنوان “استخدام إسرائيل للقوة المميتة ضد الفلسطينيين”.
وتركزت الندوة حول استمرار استخدام العنف ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة وداخل إسرائيل والتي لاقت مستويات مختلفة من الاهتمام من قبل المجتمع الدولي، حيث كانت هناك موجة متجددة من الاهتمام منذ عام 2009 لكن التطورات الإقليمية المختلفة في أعقاب الربيع العربي أدى إلى تحول التركيز بعيداً عن حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير.
مع المظاهرات السلمية الأخيرة في قطاع غزة والتي قوبلت بعنف مفرط من قبل إسرائيل سُلطت الأضواء الدولية مرة أخرى على القوة المميتة المستخدمة ضد المدنيين الفلسطينيين.
ناقش المتحدثون في المؤتمر خلفية وسياق مسيرات العودة الكبرى الأخيرة في قطاع غزة، وطبيعة الرد الإسرائيلي الدموي عليها، وردود فعل المجتمع الدولي، ومختلف الآليات القانونية المتاحة لمعاقبة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان وتحميلهم المسؤولية عن أفعالهم.
بدأ الحديث روبرت أندروز ممثل المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، والذي شرح الجرائم المختلفة التي ارتكبت ضد المدنيين الفلسطينيين من قبل أجهزة الأمن الإسرائيلية منذ أن أصبحت فلسطين من الموقعين على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في حزيران / يونيو 2014، وقال إنه منذ ذلك الوقت قُتل 2721 فلسطينياً، وجُرح أكثر من 39000 شخص، وأوضح أندروز أن العديد من هؤلاء القتلى والمصابين هم من النساء والأطفال وذوي الإعاقات الجسدية.
وفي كلمته أكد كامل هواش ممثل حملة التضامن مع فلسطين أن الجدول الزمني للعنف لم يبدأ مع الرد الإسرائيلي على هذه المظاهرات السلمية الأخيرة، لافتا أنه يجب فهمها في سياق أوسع وأطول متضمن في العنف المنهجي المستهدف للفلسطينيين، حتى قبل تأسيس إسرائيل من قبل الصهاينة الأوروبيين الأوائل الذين استخدموا قدر كبير من العنف ضد الفلسطينيين في محاولة لإقامة دولة في فلسطين.
وشرح هواش تاريخ تجريد الفلسطينيين من ممتلكاتهم، وأوضح أن اللاجئين لا يوجدون فقط في الشتات، بل في الضفة الغربية وغزة أيضًا، وحتى الفلسطينيون الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية ممنوعون فعلياً من الوصول إلى منازلهم السابقة، وأضاف أن أكثر من 60٪ من سكان غزة هم لاجئون، وهي نقطة هامة لفهم السياق الذي انطلقت معه مسيرات العودة الكبرى من غزة في مارس وابريل عام 2018.
واختتم هواش كلمته بشرح السياق المباشر الذي دفع المظاهرات للانطلاق، وهو اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل، مشيرا إلى أن هذه الخطوة تؤدي إلى الاعتراف بادعاءات إسرائيل السيادية على الأراضي الفلسطينية، وقد قامت الولايات المتحدة بذلك بالرغم من تعارضها مع القانون الدولي.
وفي كلمته عبر اسكايب ناقش المدير العام للهيئة المستقلة لحقوق الانسان بفلسطين عمار الدويك طبيعة الرد الإسرائيلي على المظاهرات في غزة حيث قال إن القضية لا تكمن في أن إسرائيل كانت تستخدم القوة المفرطة وحسب، بل إنها كانت تظهر تعمدها استهداف المدنيين والصحفيين.
وأشار إلى عدد من تعليقات كبار الشخصيات في حكومة إسرائيل والتي ذكرت قرار إطلاق النار على أي فلسطيني يقترب من السياج الحدودي وهو بالضبط ما حدث، حيث قتل في اليوم الأول من المظاهرات 30 مارس 2018، 16 فلسطينيا، وأصيب المئات.
واستعرضت المحامية سلمى كرمي أيوب ثلاث نقاط رئيسية في عرضها على الجمهور أولها شرعية رد إسرائيل على المظاهرات الأخيرة، حيث تسعى إسرائيل في محاولة لإخفاء المسؤولية عن الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي، إلى استخدام سلسلة من الاستثناءات القانونية بشكل ممنهج لتبرير استخدامها للقوة المميتة ضد الفلسطينيين، إلا أن الاستعمال الساخر لهذه الاستثناءات غير مناسب في الحالات التي يتم تطبيقها فيها.
وثانيا تصنيف هذا الرد في إطار جهد منظم في استخدام العنف، لمنع الفلسطينيين من المطالبة بحقوقهم، واختتمت بانتقاد المجتمع الدولي لجهوده المبذولة حتى الآن في اتخاذ إجراءات مجدية في مواجهة انتهاكات واضحة لحقوق الانسان.
وأوضح كارل باكلي المحامي البريطاني بأن تصرفات وتصريحات القيادة الإسرائيلية تشير إلى أنهم لا يعتقدون أن حقوق الإنسان تطبق في قطاع غزة، وأكد أنه بغض النظر عن جهود الحكومة الإسرائيلية لمحو مسؤوليتها، فانه لا توجد مبررات في القانون الدولي لاستهداف المدنيين أو الأطفال أو الاعلام.
وأشار كارل إلى أن عددا من التصريحات التي أدلي بها كبار الشخصيات في الحكومة الإسرائيلية والمتحدثين الرسميين تشير إلى سبق إصرار وترصد، والتي أكد أن لها دلالة قانونية، على سبيل المثال فقد أكدت بعض التصريحات أن القوات الإسرائيلية “تدرك أين ذهبت كل رصاصة”، والتي إن صحت تشير الى أن القوات الإسرائيلية استهدفت عن قصد وعن عمد المدنيين والصحفيين على نحو مخالف للقانون دولي.
ثم ناقش كارل آليات المساءلة القانونية الممكنة، والتي حدد ثلاثة منها، الأول هو التحرك المحلي لتحقيق العدالة ، وهذا غير قابل للتطبيق إلى حد كبير بسبب أن الهياكل المسؤولة عن العنف ممثلة في النظام القضائي الإسرائيلي، والثاني هو المقاضاة خارج الحدود الإقليمية، حيث شخصيات الحكومة الإسرائيلية المسؤولة عن انتهاكات حقوق الإنسان يتم محاكمتهم جنائيا في بلدان أخرى، والثالث هو القائم على مساءلة التجارة المتبادلة مع اسرائيل، حيث قد توفر اللوائح القانونية -خاصة فيما يتعلق بمبيعات الأسلحة – سبلاً لتأديب إسرائيل لانتهاكات حقوق الإنسان ضد المدنيين الفلسطينيين.